الفن خدمة للأرض

01:16 صباحا
قراءة دقيقتين

«فنها يحترم الأرض»، وهذا أقل ما يقال عن التشكيلية الإماراتية التي خدمت الفكرة والمعنى من خلال اللون والكلمة الموازية، فأعمالها «الهماليل» تساعدك على أن ترى العالم الكبير في مسرح اللوحة شرقاً وغرباً، طفلاً وأملاً وامرأة، وربما كان لتنقلاتها بين محطات مختلفة بدءاً من الوطن في الإمارات، مروراً ببغداد والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وغيرها، جزءاً من هذا التأثير الصاخب في أغاني الحياة المسكوبة على أرض مرسمها، إنها الفنانة التشكيلية «فاطمة لوتاه» المولودة في دبي عام 1954، المتمتمة فنا منذ سن الحادية عشرة، المتشربة «للمهنة»على يد أساتذة بغداد الكبار مثل الفنان التشكيلي «فائق حسن» رحمه الله، والتي تحولت إلى امرأة تجيد استعارة الحدث وتحويله إلى حضور «عطري وفاحم».
إن رحلة كهذه هي عبور متكرر للاستكشاف فيه من الكفاح و«المجاهدات الروحية» الكثير، حيث يتحول الفن إلى بوابة للمعرفة الحقيقية، الطريق إليها يمر عبر القلب والتعبير عنها «متصوف»، يطلق للسان حاله العنان أين ما كان، فهي«مهندسة معمارية تعرف أين تضع لوحتها» كما قال عنها إبراهيم بو ملحة في العيد الوطني الثامن والثلاثين للإمارات، وذلك خلال معرضها الذي حمل عنوان«غزل».
السلام عندها أصفر، والعشق فيروزي، أما الشجرة فبرتقالية مخلوقة من رمل ووطن، وكل المفردات في قاموس الفنان تترجم على شكل حوار محبة بين سيدتين، أو حمامة سلام للجميع أو«هجرة»عبر البحر المتوسط تمثلها أم وطفلها السابحان على صفحة المسافة، أما النهضة الحقيقية للفنان فهي تلك التي يزرعها نخلة في أرض الدار حتى وإن اتخذ ما يبعد عنها آلاف الأميال مستقراً، وأن يحتضن الزوايا المغايرة مهما حاول العالم فرض شروطه عليه، وأن يتعلم كسر«المتداول» والخروج بجناحي «زرزور»، أليس الفن انسجاماً مع الخيارات قبل الأدوات، أليس الفن حقيقياً عندما يكون«للفن وحده» ؟ وقد قال الصحفي الفرنسي أنتوني بباليا عن الفنانة فاطمة لوتاه إنها «حالة فلسفية وفنية مغايرة تفرض وضعاً للتأمل».
تعلمنا «خالو فاطمة» أن نمنح الحب لأمنا الأرض من خلال الإبداع، كما أنها تعيدنا إلى نقائنا الأول من خلال «الحرية» التي يستشعرها المرء كلما حطم حاجزاً داخلياً يعيق فرصته، وأقبل على اختبار ذاته في المواقف المختلفة، وربما كان «التواضع» هو أهم القيم التي تنقلها لنا وهي القائلة «الإنسان دون تواضع لن يصل أو يؤسس لتراكمات حضارية حالية» كل عام وأنتم بخير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"