عادي

هل الخوف من سلالة «كورونا» الجديدة مبالغ فيه؟

14:02 مساء
قراءة 4 دقائق
كورونا

انقلبت حالة التفاؤل الذي بثها إعلان العديد من شركات الأدوية العالمية، إنتاج لقاح مضاد لفيروس «كورونا» المستجد، بنسب فاعلية تصل إلى 95% في بعضها، إلى حالة من القلق مصحوبة بإجراءات صارمة بعدما ظهرت سلالة جديدة من الفيروس «الخبيث» في المملكة المتحدة. 
ورغم المخاوف الكبيرة وما تبعها من وقف الكثير من دول العالم وخصوصاً أوروبا رحلات الطيران من وإلى إنجلترا، إضافة إلى ظهور معطيات علمية تشير إلى سرعة انتشار السلالة أكثر بـ70% من العتاد، إلا أن ثمة تطمينات بثتها فرنسا وألمانيا إلى فاعلية اللقاحات المكتشفة في القضاء على السلالة الجديدة، تضاف إلى تأكيدات طبية بأن المصابين في هذه السلالة يعانون الأعراض الطبيعية لـ«كورونا»، ولم تظهر عليهم أعراضاً أشد من المعتاد.
وقال وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران لراديو «أوروبا 1»، الاثنين، إن اللقاحات الموجودة حالياً للوقاية من مرض «كوفيد-19» من المفترض أن تقي أيضاً من سلالة جديدة للفيروس ظهرت مؤخراً في بريطانيا. وأضاف: «نظرياً.. ما من سبب يدعو للاعتقاد بأن اللقاح لن يكون فعالاً». وأشار فيران إلى أن السلالة الجديدة ربما تكون قد وصلت إلى فرنسا لكن الفحوص التي أجريت مؤخراً لم ترصدها.
وأعلنت الحكومة الألمانية، الأحد، أن خبراء الاتحاد الأوروبي توصلوا إلى خلاصة مفادها أن اللقاحات الراهنة المضادة لفيروس «كورونا»، تستطيع مكافحة السلالة الجديدة التي جرى رصدها بشكل كبير، مؤخراً، في بريطانيا.
وبحسب تقييم الحكومة الألمانية، فإن اللقاحات المتاحة في الوقت الحالي تتميز بالفاعلية إزاء هذه الطفرة المسجلة في الفيروس.
وأوضح وزير الصحة الألماني، ينس سبان، الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، لقناة التلفزيون العامة «زد دي إف»: «استناداً إلى كل ما نعرفه حتى الساعة، وإثر اجتماعات بين خبراء السلطات الأوروبية، فإنه لا تأثير (للسلالة الجديدة) على اللقاحات التي لا تزال فعالة».
وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن السلالة الجديدة VUI-202012/01، قد تكون أكثر قابلية للانتقال، بنسبة 70 في المئة.
من جانبه، أعلن وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، «خروج السلالة الجديدة من فيروس كورونا عن السيطرة»، مضيفاً: إنه «سيكون من الصعب السيطرة على السلالة الجديدة لكورونا قبل توزيع اللقاحات على مستوى كبير».
وتابع: «نريد أن نضع حداً لتفشي السلالة الجديدة من الفيروس من خلال إجراءات التباعد الاجتماعي».
وتابع وزير الصحة البريطاني، قائلاً: «خطتنا أن ننتهي من تلقيح مليون شخص خلال أيام»، لافتاً إلى قرار إعادة فرض الحجر الصحي في لندن وجنوب شرقي إنجلترا.
كما نقلت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية عن كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، البروفيسور كريس ويتي، أن هناك 23 تغيراً مختلفاً مع هذه السلالة الجديدة. وأضاف ويتي أنه نبّه منظمة الصحة العالمية لوجود السلالة الجديدة، مشيراً إلى أنه سيركز على تحليل البيانات المتصلة بانتشار الطفرة.
ويؤكد البروفيسور ويتي أنه «لا يوجد دليل حالي يشير إلى أن السلالة الجديدة تسبب ارتفاع معدل الوفيات، أو أنها تؤثر في اللقاحات والعلاجات، لكن العمل جارٍ لتأكيد ذلك».
في غضون ذلك، تقول هيئة «علم الجينوم» البريطانية، إنه يصعب التنبؤ فيما إذا كانت أي طفرة معينة تستجيب، عند ظهورها لأول مرة، للقاح، إلا أن الخوف يكمن في أن تؤدي أي تغييرات إلى زيادة حالات إعادة العدوى أو فشل اللقاح.
ويقول البروفيسور ويتي إنه حتى الآن، لا يوجد دليل يشير إلى أن السلالة الجديدة أثرت في اللقاحات والعلاجات الخاصة بـ«كوفيد-19». ويرى الباحث في جامعة بولونيا، فيديريكو جيورجي، أن العلاجات التي يجري تطويرها حالياً بما فيها اللقاحات قد تكون فعالة ضد جميع سلالات الفيروس التاجي.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن هذا القلق العالمي تزايد بعدما شددت الحكومة البريطانية، إجراءات الوقائية، ففرضت حجراً هو الأكثر صرامة منذ مارس الماضي، وقال رئيس الوزراء، بوريس جونسون، إنه عندما يغير الفيروس طريقة هجومه، فإن المطلوب من السلطات أيضاً أن تحدث تغييراً موازياً في طريقة الدفاع.
وفي جنوب إفريقيا أيضاً، تم رصد نسخة مماثلة من السلالة البريطانية، وتم العثور عليها لدى 90 في المئة من العينات التي خضعت لتحليل المتواليات الجينية، منذ منتصف نوفمبر الماضي.
ويشعر العلماء بقلق إزاء الطفرة، لكنهم يقولون إنها لم تكن أمراً مفاجئاً، بل متوقعاً، لاسيما أن الباحثين رصدوا الآلاف من التغييرات المجهرية في الفيروس وهو يجوب العالم بأكمله.
وتقول جيسي بلوم، وهي باحثة البيولوجيا التطورية في مركز «فردي هوتشينسون» لبحوث السرطان بمدينة سياتل، إن هذه الطفرة تكشف أهمية أن يبقى العلماء في يقظة من أمرهم. «علينا أن نرصد هذه الطفرات حتى نحدد منها ما قد يحدث آثاراً».
ويرى الخبير والباحث في الأمراض المعدية بجامعة سانت أندروس باسكتلندا، ميوج سيفيك، أن هذه الطفرة الجديدة تتيح للفيروس أن يتكاثر وتنتقل عدواه بشكل أكبر.
وتقول الباحثة بلوم، في تصريح يبدو داعياً للطمأنينة، إنه لا داعي للقلق من احتمال تسبب طفرة كارثية واحدة في نسف كافة الأجسام المضادة وما يقوم به الجهاز المناعي لدى الإنسان. وأضافت أن الأمر ربما يستغرق سنوات طويلة حتى يحصل، أي أن تتراكم طفرات كثيرة، لأن المسألة ليست شبيهة بالضغط على زر.
وكانت أوراق علمية سابقة كشفت أن فيروس «كورونا» يستطيع أن يتغير من أجل تفادي التعرف عليه من قبل جسم مضاد، لكن من حسن الحظ، أن الجسم يؤدي دوره بشكل ذكي في هذه الحالة.
ويحتاج الفيروس إلى سلسلة كبيرة من الطفرات حتى يستعصي على رصد الجهاز المناعي لدى الإنسان، وهدف كل طفرة من الطفرات هو خداع الدفاع الذي يقوم به الجسم والتغلب عليه.
وتشرح الباحثة بلوم أنه حتى فيروس الإنفلونزا يحتاج إلى ما بين 5 و7 سنوات لأجل مراكمة ما يكفي من الطفرات حتى يصبح الجهاز المناعي عاجزا عن رصده.
في غضون ذلك، يراهن العلماء على تطعيم ما يقارب من 60 في المئة من سكان العالم خلال العام المقبل، وهو أمرٌ لا يخلو من التحديات، فضلاً عن خفض عدد الإصابات الجديدة قدر الإمكان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"