«الرباعي التقني» تحت مجهر الحكومات والمستثمرين والعملاء

22:52 مساء
قراءة 4 دقائق
تاي كيم

تاي كيم *

حقيقة نجاح عمالقة التقنية الأربع «فيسبوك» و«أمازون» و«أبل» و«ألفابت» في 2020، قد تكون عبئاً، وترفع من سقف توقعات المستثمرين في الأداء إلى مكان أبعد بكثير
بالنسبة لأربع من أكبر شركات التكنولوجيا الأمريكية، وهي «فيسبوك» و«أمازون» و«أبل» و«ألفابت»، كان عام 2020 واحداً من الأعوام التي لن تُنسى بسهولة.
خلال عام عندما أدى الوباء العالمي إلى توقف العديد من الشركات عن العمل، ازدهر قادة السوق هؤلاء، وحققوا أرباحاً حلّقت بأسهم شركاتهم وجعلتها أكثر قوة وقيمة من أي وقت مضى.
لكن النظرة المستقبلية للعام المقبل قصتها مختلفة؛ إذ تواجه هذه الشركات العملاقة مخاطر على عدة جبهات، من تصاعد حدة قضايا مكافحة الاحتكار والمسائل التنظيمية، إلى التقييمات المرتفعة والاقتصاد المتقلب، وكلها تهدد بإفساد احتمالات تكرار الأداء في عام 2021. كما أن قلق الحكومات المتزايد بشأن القوة السوقية للشركات قد يؤدي إلى إحداث تغييرات في أعمالها تكون لها عواقب طويلة الأمد.
سترفع الأرقام الكبيرة وأسعار الأسهم التي حققتها هذه الشركات في عام 2020 أكثر من حجم توقعات المستثمرين، وكيفية إثارة إعجابهم بها في العام القادم. يتم تداول أسهم أمازون بمبيعات آجلة مضاعفة بنسبة 30% أعلى من متوسط الخمس سنوات، مما قد يؤدي سريعاً إلى خيبة أمل إذا تباطأت أعمال التجارة الإلكترونية أو الحوسبة السحابية لديها. 
وتحتاج أحدث تشكيلة من أجهزة «آيفون» من «أبل» إلى تجاوز توقعات المبيعات فعلياً لتبرير تقييم مضاعف السعر إلى الأرباح. أما بالنسبة إلى «فيسبوك» و«ألفابت»، فإن تقييماتهما الآن تتجه نحو انتعاش قوي للإعلانات الرقمية للعام المقبل، وهو أمر غير مضمون بأي حال من الأحوال.
وإذا كان تطبيق «تيك توك» الأشهر حالياً بين المراهقين وفئة الشباب، قادراً على تجاوز تهديدات الحكومة الأمريكية بحظره، فإن شركة الوسائط الاجتماعية الصينية، بقاعدة مستخدمين واسعة تضم أكثر من 100 مليون أمريكي، يمكن أن تكون منافساً شرساً لميزانيات إعلانات الشركات في عام 2021.
يعود الفضل في جزء كبير من الارتفاع الحاصل في تقييم «صناعة التكنولوجيا» هذا العام، إلى ما يسمى ب«التجارة الآمنة»، حيث قام مديرو المحافظ بتحويل أموالهم إلى أسهم التكنولوجيا لتجنب مخاطر الملاءة الموجودة في القطاعات التقليدية الأخرى، مثل السفر والطاقة والتجزئة. وقد تتبدد أي مكاسب من هذا التحول بسرعة إذا بدأ الاقتصاد بالتحسن بمجرد استقراره، اعتماداً على الظروف المحيطة. وهو سيناريو يتوقعه العديد من مديري الصناديق للنصف الثاني من عام 2021، حيث أصبحت اللقاحات متاحة على نطاق واسع. وقد تصبح التدفقات «الوافدة» تدفقات «خارجة» إذا قرر المستثمرون إعادة الشراء في الأسهم الحساسة اقتصادياً، والمتهالكة مع تقييماتهم الأرخص.
بعد سنوات من الالتفاف بنجاح على نوع التدقيق التنظيمي الذي قال المنافسون في السوق والمراقبون والسياسيون منذ فترة طويلة إنهم يستحقونه، أصبح الرباعي التقني الآن هدفاً للحكومات في جميع أنحاء العالم والتي تدعي أن هيمنة هذه الشركات على السوق تعرقل المنافسة وتضر بالمستهلكين. في أوروبا، يفكر المسؤولون الحكوميون في تمرير قواعد جديدة تمنع الشركات من استخدام قوة منصاتها لتفضيل منتجاتها الخاصة. وإذا تحول التشريع الذي يحظى بدعم سياسي واسع، إلى قانون، فسيؤدي ذلك إلى الإضرار بخطوط الأعمال المربحة بما في ذلك منتجات «أمازون» ذات العلامات التجارية الخاصة، وخدمة الموسيقى من «أبل»، وممارسات «جوجل» المتمثلة في تصنيف منتجاتها وعروضها في مرتبة متقدمة وأولوية في نتائج البحث. قد لا يكون الكونجرس الأمريكي بعيداً كثيراً عن الحاصل، فهناك إجماع من الحزبين على العديد من توصيات مكافحة الاحتكار الواردة في تقرير مجلس النواب، ومنها زيادة التمويل ضد الممارسات الاحتكارية، وخفض المعيار القانوني للمنظمين لإثبات أن عمليات الاندماج هي ضد المنافسة الشريفة.
بالنسبة إلى «جوجل» و«فيسبوك»، هناك أيضاً عبء كبير في الدعاوى القضائية الخطرة لمكافحة الاحتكار المرفوعة من قبل وزارة العدل والمدعين العامين للولاية، ولجنة التجارة الفيدرالية أيضاً.
في القضية المرفوعة ضد «جوجل»، يريد المدعون الحكوميون وقف استخدام عملاق الإنترنت لاتفاقيات التوزيع الاستثنائي المدفوعة لجعل محرك البحث الخاص بها هو الخيار الافتراضي على الأجهزة المحمولة. يريدون أيضاً أن تقدم «جوجل» نتائج بحث تستند فقط إلى الصلة، وألا تكون لها علاقة بأهداف العمل الداخلية. في حالة «فيسبوك»، يقول المدعون إن الشركة مهيمنة بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحتاج إلى تفكيك أعمالها وإلغاء الاستحواذ على «واتس أب» و«إنستجرام». 
وفي حين أن المعارك القضائية قد تستغرق سنوات لحلها بالكامل، فإن أي تطورات مفاجئة قد تضر بثقة المستثمرين؛ لذلك فحقيقة أن عام 2020 كان ناجحاً بشكل استثنائي لعمالقة التقنية الأربعة: «أمازون»، و«أبل»، و«فيسبوك»، و«جوجل»، قد تكون عبئاً على هذه الشركات، وترفع من سقف توقعات المستثمرين في أدائها للعام القادم إلى مكان أبعد بكثير، كما أن الحكومات سترى بوضوح مدى هيمنة كل شركة على السوق بعد هذه الأرقام المالية المثيرة للإعجاب.
* كاتب متخصص في التقنية في «بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"