عادي

هونج كونج تشترط أطول حجر صحي عالمياً لدخولها

18:12 مساء
قراءة 3 دقائق
لالاةة

(هونج كونج - أ ف ب)
تستقبل هونج كونج زائريها هذه الأيام بمطبخها، وناطحات سحابها، والحَجر الصحي فيها، والذي يُعد الأطول في العالم، ومن هؤلاء، أمضت لي يونج سو ثلاثة أسابيع في أحد فنادق المستعمرة البريطانية السابقة، محاربةً الملل باستخدام الشبكات الاجتماعية وعزف الجيتار لدميتها المحشوة.
في مقطع الفيديو الأخير الذي نشرته لي يونج سو قبل أن تغادر غرفتها في الفندق، تظهر وهي تزيل بقصّاصة أظافر السوار الإلكتروني الذي وُضِعَ لها، وهو يوضع كذلك لجميع الذين يصلون إلى هونج كونج، بهدف التحقق من مكوثهم بين أربعة جدران.
تقول الكورية الجنوبية: «لقد انتهى الأمر. ها أنا حرّة».
في كانون الأول/ديسمبر الفائت، كانت لي على وشك المغادرة إلى الإقليم شبه المستقل في جنوبي الصين، عندما أبلغها موظفو شركة الطيران أن سلطات هونج كونج مددت الحجر الصحي الإلزامي للوافدين إليها من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وقد طُلب منها أن تثبت أن لديها حجزاً لمدة ثلاثة أسابيع في فندق معتمد من أجل السماح لها بركوب الطائرة.
وهذا يعني أن على الوافد تمضية ثلاثة أسابيع في غرفة مغلقة، فالمعروف عن هونج كونج كثافة سكانها وشققها الصغيرة، والفنادق لا تشذّ عن هذه القاعدة، إذ لا تفتح النوافذ في معظم غرفها، وتندر تلك التي لها شرفة.
إلّا أن لي يونج سو، وهي صاحبة شركة قررت إعادة بناء حياتها في المنطقة شبه المستقلة، فعلت كل شيء للحفاظ على تفاؤلها.

الاسترخاء أو الانهيار
في 21 يوماً، أنتجت لي يونج سو ما لا يقل عن 70 منشوراً على «إنستجرام»، فتارة كانت تنشر صور طعام فطورها، وكانت تصوّر نفسها تتحدث منفردة إلى مائدة العشاء، وفي أحيان أخرى تنشر مقاطع فيديو تغني أو تعزف الجيتار مع دميتها الوفية ورفيقة حَجرها «تيدي».
وفي تجربة الحَجر هذه، كان يمكن لكثيرين أن يصابوا بانهيار، لكن لي يونج سو صمدت.
وترى «أن المحجور يجب ألاّ يمضي يومه وهو يشاهد نشرات الأخبار، لأن البقاء في هذا العالم ليس صحياً»، بل «عليه أن يسترخي»، وتضيف: «ينبغي التعامل مع هذه الفترة كإجازة، ولكن من دون خروج».
ومع أن هونج كونج كانت من أولى المناطق التي تأثرت بالوباء، لم تتجاوز الإصابات فيها على مدى عام كامل عشرة آلاف، ونسبت 170 حالة وفاة إلى فيروس كورونا؛ لكنّ ثمن هذا الإنجاز كان فرض قيود صارمة.
فمنذ نحو عام، يخضع كل من يدخل هونج كونج للفحص بشكل منهجي، وينفّذ حجراً صحياً إلزامياً، وكان يسمح في البداية بأن يكون الحجر في المنزل تحت المراقبة الإلكترونية، ولكن مع استمرار ظهور بؤر التفشي، أصبح الحجر الصحي في الفنادق إلزامياً.
شكّل الحجر الفندقي مصدراً لمداخيل كان يحتاج إليها بشدة القطاع الفندقي الذي يشهد أزمة خانقة بسبب قلة السياح والمسافرين من رجال الأعمال.
وبعد ظهور نسخ متحورة من الفيروس أشد فتكاً، مددت السلطات فترة الحجر المطلوبة إلى ثلاثة أسابيع، ما جعله ترفاً لا يمكن لذوي الدخل المنخفض تحمّل تكلفته.

تكلفة باهظة
في ظل هذا الواقع، لم يعد بمقدور مئات الآلاف من عمال المنازل الفلبينيين والإندونيسيين الذهاب إلى بلدانهم لقضاء الإجازات، لأن هذا يعني ضمنياً أنهم سيتكبدون عند عودتهم إلى هونج كونج تكلفة فاتورة فندقية تزيد على رواتبهم الشهرية.
ولا خيار عموماً لأولئك الذين يدخلون هونج كونج، حيث أن كزافييه تران، وهو خبير يبلغ 33 عاماً، كان في فرنسا عندما أُعلِن عن تمديد الحجر الصحي؛ قرر العودة إلى هونج كونج لمعاودة عمله، فاضطر إلى إنفاق نحو 12 ألف دولار من العملة المحلية (1550 دولاراً أمريكياً) للمكوث في غرفة مساحتها 23 متراً مربعاً، إلى جانب استمراره في دفع بدل إيجار شقته.
وشكّلت ممارسة رياضة اليوجا خشبة الخلاص له، يقول: «أول ما أريد أن أفعله لدى خروجي هو القيام بنزهة»؛ أما النشاط الثاني «فهو الذهاب إلى صالون الحلاقة».
أما كريستين توبياس، وهي سكرتيرة تبلغ 45 عاماً تعيش في ألمانيا، فجاءت إلى هونج كونج للمشاركة في دفن والدها بعدما استحال وصولها في الوقت المناسب لرؤيته قبل أن يفارق الحياة.
وما كان من عائلتها إلاّ أن أخّرت الجنازة حتى تتمكن من حضورها. وتقول: «كل شيء جاهز. إنهم ينتظرونني».
وبمجرد انتهاء حجرها الصحي لمدة ثلاثة أسابيع، والذي كلّفها 17 ألفاً من دولارات هونج كونج، لن يكون أمامها سوى أسبوعين قبل أن تضطر للعودة إلى ألمانيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"