عادي

تعليم «رياض الأطفال» عن بعد.. صعوبات تفوق مهارات الوالدين

00:43 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: محمد إبراهيم

يتصدر التعلم عن بعد، المشهد التعليمي في الوقت الراهن، لاسيما بعد إعلان التمديد للعمل به لمدة أسبوعين مقبلين، ولكن على الرغم من النجاحات التي حققها في مختلف مراحل التعليم، منذ انطلاقته التي تزامنت مع بداية جائحة كورونا، والصورة المشرقة التي رسمها لنمط التعليم المستقبلي، فإن مرحلة رياض الأطفال، مازالت تعاني صعوبات وتحديات، تعرقل مسار هذا النوع من التعليم.

جدل واسع يجوب مجتمع بعض أولياء الأمور حول التعليم الافتراضي، ومدى جدية تطبيقه على أطفال الرياض، نظراً لتأهيلهم المتواضع، وعدم قدرتهم على استيعاب أبنائهم، والسيطرة عليهم للالتزام بالدراسة في البيت، وافتقارهم للجوانب التربوية والتعليمية التي يتمتع بها معلمو هذه المرحلة، فضلاً عن ضعف مهارات البعض في التعرف إلى احتياجات أبنائهم من المعارف والعلوم التي تناسب أعمارهم.

وترى معلمات هذه المرحلة أن التعليم الافتراضي، يتطلب مهارات خاصة مقارنة بباقي المراحل، وهذا ما يشكل تحدياً كبيراً لأولياء الأمور، إذ إن تلك المهارات تفوق قدراتهم، وتتجاوز حدود خبراتهم البسيطة، وهنا باتت عملية التعليم منقوصة، إذ إنها تستند إلى أدوار متكاملة تضم «المعلم وولي الأمر»، لاسيما أن البيت أصبح الفصل الدراسي للطالب.

وأكد خبراء وتربويون، ضرورة إيجاد أدوار جديدة لمساعدات الصفوف، للاستفادة من خبراتهم في منظومة التعلم عن بعد، وتأهيل الوالدين، باعتبارهم ركيزة أساسية في هذا النوع من التعليم، معتبرين أن المدارس الحكومية تعد الأفضل، إذ تفوقت على «الخاصة» في إدارة التعليم الافتراضي في جميع المراحل.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي، تحديات التعلم عن بعد لأبناء مرحلة رياض الأطفال، في محاولة للوقوف على حلول عاجلة، ومقترحات من شأنها دعم مسارات وأهداف التعلم عن بعد الذي بات الخيار الأفضل في الظروف الصحية الراهنة.

نقص المهارات

البداية كانت مع عدد من أولياء الأمور، إذ أكد كل من محسن عبدالله، وعلي حمدان، وأماني عبدالله، أن التعليم الافتراضي أوجد أدوراً جديدة للوالدين، جعلت مهامهما أعمق وأكثر أهمية وصعوبة، لاسيما أن العملية التعليمية انتقلت بتفاصيلها إلى البيت، موضحين أن نقص مهاراتهما لتعليم أبنائهما في مرحلة الروضة، يشكل تحدياً كبيراً يعوق تقدم أبنائهما العلمي، وتحقيق نتائج مرضية.

وترى الأمهات «شيماء عبدالله، ومنى غالي، وفاطمة حسين، وميساء حمد»، أن التعلم عن بعد لأطفال الرياض، يشكل لهن معاناة كبيرة، لاسيما مع وجود الضغوط الحياتية الأخرى، وأكدن عدم قدرتهن على السيطرة على أبنائهن في هذه المرحلة لمواصلة الدراسة، وانخفاض نسبة تركيز الطلبة تدريجياً خلال الدراسة، وعدم استيعابهن لبعض الجوانب المهمة خلال الحصة، فضلاً عن أن المحتوى التعليمي في بعض المواد، يفوق قدرات أبنائهن العقلية، وافتقارهن أنفسهن لوسائل التعليم الحديثة، وطرائق المتابعة ومساعدة الأبناء في العملية التعليمية، وطالبن بدورات تدريبية مكثفة، للارتقاء بمستوياتهن وقدراتهن ومهاراتهن.

لا مجال للتهميش

وفي وقفة مع عدد من معلمات هذه المرحلة، أكدن أنه لا مجال لتهميش دور أولياء الأمور، في بناء المحصلة العلمية لأبنائهم في تلك الفترة، سواء كانت في المدرسة أو عن بعد في البيت، إذ ترى حنان شرف، ورنا معين، ووفاء باشا، وميثاء الحسنين، أن معظم تحديات المنظومة الافتراضية حالياً، تكمن في كيفية إيجاد استراتيجيات تحقق تكاملية الأدوار بين المعلمات والوالدين، والتركيز على تأهيل الوالدين وتدريبهما على أداء الأدوار المسندة إليهما، وهنا الأعباء جميعها تقع على عاتق المعلم الذي يعلم الأطفال، ويحرص على توجيه وتدريب ولي الأمر، لتمكينه من متابعة ابنه.

وأضفن أنه مع تقليص دور مساعدات الصفوف في التعليم عن بعد، أصبح العبء أكبر على المعلم، مشيرات إلى أهمية التوجيه المباشر لتلك الفئة، والمتابعة المستدامة للوقوف على مدى استجابة الطالب وتحصيله العلمي، لاسيما مع الأطفال من أصحاب الهمم، الذين يحتاجون إلى رعاية واهتمام من نوع خاص، وفي معظم الحالات‘ فإن أولياء الأمور بحاجة إلى تأهيل مستمر لمواكبة متغيرات المنظومة الافتراضية.

تطوير الأدوار

وأكدن أهمية تطوير أدوار مساعدات الصفوف اللاتي يلعبن دوراً كبيراً في تعليم تلك الفئة، لمواكبة منظومة التعلم عن بعد، وتوفير أدواتهن من أجهزة الآي باد أو الحاسوب، والإنترنت، لتخفيف الأعباء على المعلمين، لاسيما أن هناك أولياء أمور ليس لديهم القدرة على القيام بأدوار المتابعة والتوجيه.

وأوضحن أن أبناء الروضة، لديهم الفرصة الأكبر في تطبيق التعلم عن بعد، ولكن ذلك مشروط بتأهيل ولي الأمر بالشكل الصحيح، نظراً لأهمية دوره في تعليم الأبناء، فضلاً عن جاهزية البيئة التعليمية في البيت، وتفعيل دور المساعدات، والاستجابة لتوجيهات المعلمة، موضحات أن طلبة الروضة يواجهون إشكالية حقيقية في منظومة التعليم الافتراضي، فالبيئة التعليمية الاعتيادية الأفضل لهم في تلك المرحلة، وهذا ما أوجد صعوبة في جدوى التعليم الافتراضي مع هذه الفئة، وولد عدم الطمأنينة في نواتج تعليمهم تحت مظلة هذا النوع من التعليم.

سبعة تحديات

إيمان غالب خبيرة جودة التعليم، رصدت سبعة تحديات فعلية تواجه مرحلة رياض الأطفال، تكمن في قلة التفاعل المباشر بين الطالب والمعلم، ومشاكل المهارات الاجتماعية نتيجة غياب البيئة المدرسية المتعارف عليها، ومشاكل الاتصال بالإنترنت وتأمين مستلزمات التعليم الافتراضي للطفل مثل اللابتوب أو التابلت، فضلاً عن عدم فاعلية التعلم عن بعد وتواضع نتائجه في تلك المرحلة.

وأضافت أن التعليم الافتراضي يعد الأقل تحفيزاً، بسبب غياب التفاعل المباشر، وقد يؤثر أيضاً في بعض مهارات الطفل مثل المهارات اللغوية والشفوية والاجتماعية نتيجة غياب التفاعل المباشر، فضلاً عن وجود صعوبات لدى الوالدين في فهم برامج وخطط التعليم عن بعد، لاسيما الأمهات العاملات اللاتي يواجهن مشكلة حقيقية في التوافق بين ساعات العمل ووقت دراسة أبنائهن.

وحول إيجابيات التعلم عن بعد، أكدت أنه يحمي الأطفال من مخاطر فيروس كورونا، ويرفدهم بمهارات جديدة، على رأسها كيفية التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، واستخدام البرامج والتطبيقات المتطورة، وإدارة الوقت، والتعليم الذاتي، وتنمية الاستقلالية والاعتماد على الذات، وتعزيز التواصل مع الأهل، موضحة أن التعلم عن بعد حتى الآن مازال إجراءً طارئاً والتعامل معه يتخذ صفة الطوارئ أيضاً، لكن هذه المرحلة قد تكون تمهيداً لإجراءات أكثر استقراراً فيما يتعلق بسياسات التعليم الافتراضي، وربما نشهد إقبالاً متزايداً عليه في السنوات القليلة المقبلة.

عصر جديد

الدكتورة هبة الله محمد المستشارة التربوية والخبيرة في مرحلة رياض الأطفال، ترى أن التعليم عن بعد بداية عصر التعليم الأكثر استدامة، فائق المرونة وسريع النتائج، وتوليفة مرنة تضم التعليم المتزامن وغير المتزامن، حيث يتيح للمعلم الإبداع في طرح دروسه بتقنيات تكنولوجية مميزة، ويعد فرصة لتحقيق استدامة الموارد التعليمية وخلق مواد تعليمية متطورة، وتنمية مهارات المستقبل لدى الجيل مثل الطلاقة الرقمية وقبول التغيير، ومتغيرات التكنولوجيا والتفكير التحليلي والنقدي ومهارات اتخاذ القرارات والتواصل والقيادة والذكاء الثقافي، والتعلّم النشط، والذاتي.

تقليص المنهج

وفي توصياتها، أكدت أهمية تقليص المنهج الدراسي، والاكتفاء بوضع مهارات أساسية، تتكامل مع كل مرحلة، وتسد الفجوة بين المراحل، وتؤمن انتقال سلس للطلاب، فضلاً عن توقف المعلم عن أساليب التعليم الاعتيادية، وابتكار طرق تكنولوجية جديدة، في عرض الحصص، والاعتماد على الصفوف الافتراضية الممتعة، والألعاب التعليمية الرقمية، لتوفير محتوى أو كتب إليكترونية تفاعليه تجعل الطفل يدخل في أجواء من الشغف في استخدام الكتاب والابتعاد تماماً عن أوراق العمل التقليدية.

وأكدت أهمية دور المعلم الذي يتمتع بالقدرة على ترويض الطفل في هذه المرحلة، ولديه من المهارات ما يؤهله لتكوين شخصية وميول واتجاهات الطالب، ويمكنه من التعاون مع ولي الأمر، وأن يتغلب على كافة التحديات، ويستثمرها في استحداث طرق مبتكرة لجذب الطلبة وزيادة دافعيتهم نحو التعلم، من خلال التواصل الفعال في صف افتراضي مشوق للطفل.

وفيما يخص دور ولي الأمر، أكدت أهمية تأهيله وفق المتغيرات الحديثة واستراتيجيات التعليم في تلك المرحلة، لاسيما أنه يمثل همزة الوصل بين الطالب والمدرسة.

مسؤولية المعلمة

أكد خبراء أن المعلمة هي المسؤولة الأولى عن وضع الخطة التعليمية للطفل، وتقديم الإرشادات والتوجيهات للأهل، في كيفية فهم مشاعر الطفل وتقبّلها، ومواصفات مكان الدراسة، سواء لطفل واحد أو أكثر، فضلاً عن المتابعة اليومية.

تجربة مهمة

تربويون اعتبروا أن التعلم عن بعد تجربة مهمة للأطفال، على الرغم من التحديات الكثيرة التي يواجهها الأهل والمعلمون والطلبة، إذ إنها تساعد الطفل على الاقتراب أكثر من عالم المستقبل والتأقلم مع التكنولوجيا بشكل أفضل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"