عادي

الكهنــة أول فئـة مـن العلمــاء فـي فجـر التاريـخ

00:51 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

القاهرة: «الخليج»

يتميز العلم بخصوصيته، وهو من أفضل الوسائل التي نملكها لمعرفة العالم، وكل الموجود فيه، ولمعرفة أنفسنا أيضاً، فمنذ آلاف السنين والناس يطرحون الأسئلة حول ما يدور حولهم، تغيرت الأجوبة التي توصلوا إليها كثيراً، وهذا هو جوهر العلم، لأن العلم بحد ذاته موضوع ديناميكي ومتغير، مبني على الأفكار والاكتشافات التي تنتقل من جيل إلى جيل، يضاف لها القفزات الهائلة إلى الأمام التي تتحقق عند حدوث اكتشافات جديدة تماماً، الشيء الذي يبقى ثابتاً لا يتغير عند المشتغلين في حقل العلم هو الفضول والخيال والذكاء، ربما نمتلك اليوم الكثير من المعلومات، لكن الأشخاص الذين درسوا عالمهم بعمق قبل 3 آلاف سنة كانوا أذكياء مثلنا.

لا يقتصر الحديث في هذا الكتاب وعنوانه «مختصر تاريخ العلم» لويليام بينوم، ترجمة أحمد الزبيدي، عن المجاهر (الميكروسكوبات) وأنابيب الاختبار الموجودة في المختبرات فقط، على الرغم من أن هذا ما يخطر على بال الكثيرين عندما يأتي ذكر العلم، لقد استخدم العلم على مدار معظم تاريخ البشرية، إلى جانب السحر والتكنولوجيا لمحاولة فهم العالم والسيطرة عليه، قد يكون العلم أمراً بسيطاً مثل مراقبة شروق الشمس ككل صباح، أو معقداً مثل اكتشاف عنصر كيميائي جديد.

يوضح الكتاب أن وديان الأنهار كانت تمثل أرضاً خصبة، بما يسمح بزراعة المحاصيل كل عام؛ بحيث تكفي لإطعام أعداد كبيرة من الناس، وهذا الأمر وفر الوقت الكافي للبعض في هذه المجتمعات للتركيز على شيء واحد، هو أن يقوموا بإجراء التجارب، ويتدربوا عليها، ويعملوا على نتائجها، ويصبحوا خبراء في هذا المجال، ربما كانت أول فئة من العلماء (على الرغم من أنه لم يكن يطلق عليهم هذا الاسم في ذلك الوقت) هم الكهنة.

يرى الكتاب أنه في البداية كانت التكنولوجيا التي تعني معرفة القيام بأشياء معينة أكثر أهمية من العلم الذي يهتم بمعرفة جوهر تلك الأشياء، فأنت تحتاج إلى معرفة ما الذي يجب عليك عمله وكيفية القيام بذلك، حتى تتمكن من زراعة محاصيلك بنجاح، أو صنع ملابسك أو طهي طعامك، لست بحاجة إلى معرفة السبب في كون بعض أنواع التوت سامة، أو بعض النباتات صالحة للأكل، لتتعلم كيف تتجنب الأولى وتزرع الثانية.

يؤكد الكتاب أن ما نعرفه عن شعب بابل (العراق) هو أكثر مما نعرفه عن الحضارات القديمة الأخرى، لسبب بسيط هو أنهم كانوا يكتبون على ألواح طينية، وقد نجت الآلاف من هذه الألواح التي كتبت منذ 6 آلاف سنة، لتروي لنا كيف كان البابليون ينظرون إلى عالمهم، لقد كانوا يحتفظون بسجلات دقيقة عن مواسم الحصاد ومخزوناتهم من الحبوب ومالية الدولة، أمضى الكهنة الكثير من وقتهم في الاهتمام بالبيانات والأرقام المتعلقة بالحياة في العصور القديمة، كما أنهم (العلماء) كانوا يقومون بمسح الأرض وقياس المسافات ومراقبة السماء وتطوير التقنيات اللازمة للحساب.

برع البابليون في علم الفلك وخلال بضع سنوات تمكنوا من تحديد أشكال لتجمع النجوم والكواكب في السماء ليلاً، كانوا يؤمنون بأن الأرض هي مركز الكون وأن هناك روابط سحرية قوية تربطنا بالنجوم، وكان علم الفلك المصري مشابهاً لذلك، لكن اهتمام المصريين بالحياة الآخرة جعل ممارستهم لعلم الفلك أكثر عملية، كان التقويم مهماً جداً عندهم، ليس فقط لإخبارهم عن أفضل وقت للزراعة، أو متى يتوقعون حدوث فيضانات النيل، لكن أيضاً لتخطيط المهرجانات الدينية.

يوضح الكتاب أنه في هذه المرحلة من التاريخ كان الحساب والفلك والطب هي المجالات العلمية الثلاثة الأكثر وضوحاً في حقل النشاط العلمي فأنت تحتاج إلى معرفة أصول الحساب قبل أن تتمكن من زراعة ما يكفيك من المحاصيل، ولأغراض التجارة مع الآخرين، وتحتاج إلى علم الفلك لأن الشمس والقمر والنجوم مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأيام والأشهر والمواسم، وتحتاج إلى الطب لأن الناس عندما يصابون بجرح أو مرض فإنهم يبحثون عن المساعدة بشكل طبيعي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"