التسول المبكر

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

منى البدوي

ظهور مبكر يسبق شهر رمضان المبارك، للمتسولين في المناطق والأحياء السكنية وأمام وداخل المراكز التجارية، ومظاهر جديدة تبدأ من مركبات خاصة تقوم بإنزال مجموعة من السيدات في الأحياء السكنية ليبدأن مهمتهن في طرق أبواب المنازل وانتهاءً بالتسول داخل المراكز التجارية بطرق مبطنة مختلفة.
مركبة تقف في أحد الأحياء السكنية لتهبط منها مجموعة من السيدات بأعمار مختلفة، مرتديات عباءات سوداء، وتغادر بعدها المركبة لتبدأ المتسولات في الانتشار بالمنطقة وطرق أبواب المنازل لسرد قصص وحكايات متشابهة من حيث الهدف ومختلفة من حيث الأحداث المنسوجة بحيث تتناسب مع الظروف الصحية والاقتصادية السائدة والتي يسردها المتسولون القادم بعضهم بتأشيرة زيارة للدولة.
مشهد آخر في مركز تجاري كبير تبدأ أحداثه بإلقاء متسولة تظهر وكأنها متسوقة، السلام على أي سيدة ومن ثم تبدأ بعرض خدماتها واستعدادها لبيع الأطباق التي تعدها في المنزل مدعية أن ما تقوم به أجبرتها عليه ظروف عدم حصول زوجها على فرصة عمل، وعندما لاحظت تفاعل السيدة معها أخذ حديثها منعطفاً آخر وطلبت من السيدة مبلغ 400 درهم مدعية حاجة طفلها للعلاج.
المؤسف في الأمر أن السيدة انصاعت لجميع مطالب المتسولة التي أجبرتها على سحب نقود من بطاقتها البنكية بسبب عدم توفر نقود ورقية في محفظتها، دون أن تفكر لحظة واحدة في أن السلوكيات التي قامت بها المتسولة والعبارات المنمقة والمرتبة المحفوظة عن ظهر قلب، تؤكد تمرسها وإتقانها لفنون التسول، وأن من لديه إقامة داخل الدولة بإمكانه التوجه للمؤسسات والجهات الخيرية التي تمد يد العون للمحتاجين.
مما لا شك فيه أننا نعيش في مجتمع متكاتف ومجبول على فعل الخير ومد يد العون للآخرين، ولكن يجب أن ندرك أن ما يقوم به هؤلاء مرفوض دينياً واجتماعياً وقانونياً، وأن تقديم الأموال لهم يساعد على استمرارهم في ممارسة التسول، وأن تواجدهم يشكل خطراً على أمن المجتمع وأيضاً صحته وسلامته خاصة في ظل الجائحة.
تشرع المؤسسات والهيئات الخيرية أبوابها للمتبرعين لضمان توجيه الأموال لمستحقيها وليس مجرد أفراد يسردون قصصاً وهمية هدفهم قنص الدراهم التي لا نعلم مصارفها فيما بعد، كما تستقبل المحتاجين من الأفراد المقيمين بطريقة مشروعة داخل الدولة وهو ما نضمن من خلاله استفادة المعوزين المتعففين.
تقوم الجهات المختصة بجهود كبيرة لمكافحة ظاهرة التسول بمختلف أشكاله ولكن لا بد من تعاون أفراد المجتمع ليس فقط بالإبلاغ عن مواقع تواجد المتسولين، وإنما أيضاً بالامتناع عن تقديم الأموال لهم لاجتثاث تلك الظاهرة الدخيلة على المجتمع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"