عادي

فهد المعمري: دور النشر التجارية تحبط الكتّاب

23:08 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: عثمان حسن

يطرح الباحث والكاتب فهد علي المعمري مدير قسم الكتابة والنقد، في هيئة الثقافة والفنون في دبي، عدة مقترحات لتنشيط الحراك الثقافي، من بينها تحفيز الإعلام المحلي ليلعب دوراً في التعريف بالكاتب الإماراتي في الداخل وفي الخارج، كما يقترح اختيار نصوص أدبية رصينة لتضمينها في مناهج التربية والتعليم، كما ينبه من المبالغة في استثمار وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الشهرة الأدبية، هذه الشهرة التي سيكتشف صاحبها أنها خادعة ومضللة، كما يلفت إلى أن دور النشر التجارية بتركيزها على الربح تسهم في إحباط الكتّاب، خصوصاً الشباب منهم.

يلاحظ المعمري شكوى بعض الكتّاب الإماراتيين من عدم وصولهم بعد، إلى الساحتين الخليجية والعربية، وهو هنا يفرق بين الكاتب المتمكن الذي راكم سنوات من الخبرة الأدبية والإبداعية، وبين الكاتب الذي يحتاج إلى فترة زمنية أكبر لتنمية وتطوير موهبته سواء في حقل الرواية أو الشعر أو القصة، وبناء عليه، فإن حضور أو عدم حضور الكاتب في الساحتين الثقافتين المحلية والعربية، يرتبط أساساً بهذه المسألة، كما أن إحساس بعض الكتّاب بأن ثمة فجوة بينهم وبين الخارج، هي قضية تناقش في حدود ما قدمه هذا الكاتب من رصيد ثقافي فرض نفسه على الآخرين.

يؤكد المعمري ضرورة أن يكون هناك دور للإعلام في هذه المسألة، ويقول: «من حق الكاتب الموهوب والناشئ على وسائل الإعلام أن تقوم بالإضاءة على إبداعاته، وإبراز مواهبه للآخرين، وهناك دور له صلة بالجهات الثقافية الفاعلة التي يجب أن تقوم بابتداع وسائل أخرى للتعريف بالثقافة الإماراتية كتسليط الضوء على النصوص المهمة، وتحويل بعضها إلى سيناريوهات أفلام، وغير ذلك من وسائل وأدوات العصر الراهن الذي تشكله الميديا الحديثة وتلعب دوراً مهماً في إبرازه».

استثمار

يعتقد فهد المعمري أن ثمة إيجابيات عديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، التي تقوم بدور إيجابي في تسليط الضوء على ثقافة مختلف البلدان، وتجسير الهوة بين الآداب والثقافات العربية والعالمية، غير أنه يرى أن هذه الوسائل تعتبر (سلاحاً ذا حدين)، ولكونها متاحة للكثيرين، فهي أحياناً توهم البعض بالعظمة، وهذا راجع لغياب النقد البناء، ففي كثير من الأحيان تفتح هذه الوسائل فضاءاتها لأنصاف المواهب، وتعج بالخواطر الرديئة والسيئة، وتصبح حواضن لمثل هذه الكتابات غير الناضجة، فيتخيل أصحاب هذه الكتابات أنهم أصبحوا نوابغ ومبدعين، وهو الذي يدعو الجهات الثقافية أن تشجع على ضرورة استثمار آليات النقد وتحفيز الكتاب الشباب على الإفادة من النقد الجاد قبل زج كتاباتهم إلى فضاء وتطبيقات وسائل التواصل.

ويميز المعمري بين النقد المجامل، والنقد الانطباعي والشخصي، وهو يدعو إلى ذلك النقد المنهجي، الذي يحلل النص الأدبي ويلتقط تفاصيل نسيجه الإبداعي وكفاءته النحوية واللغوية، ويقول: «لدينا في الإمارات نقد إيجابي وبناء، يتحرى المعايير الفنية والإبداعية، وهو متوفر لمن أراد من الكتاب أن يسترشد به، ويحرص على إثراء كتاباته في الحدود المتوسطة لاشتراطات النص الإبداعي والثقافي».

ازدهار

في معرض حديثه عن النشر الإماراتي، يفرق فهد المعمري بين النشر الرسمي أو الحكومي، وبين دور النشر الخاصة، وهو ينحاز إلى الأول، الذي تقف خلفه جهات ومؤسسات رسمية، على سبيل المثال دائرة الثقافة في الشارقة، وهيئة دبي للثقافة، ودائرة الثقافة والسياحة / أبوظبي، وأكاديمية الشعر في أبوظبي واتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وغيرها من المؤسسات التي تحرص على طباعة ونشر الإصدارات مع توخي معايير الجودة الأدبية والفنية وهذه الجهات كما يؤكد فهد المعمري، تقوم بنشر وتوزيع إصداراتها في المحيطين الخليجي والعربي، وسمعتها الرصينة لا تسمح لها بنشر كتب خارج هذه الاشتراطات.

ولكن في الجهة المقابلة، هناك دور النشر التي لا يعنيها سوى الربح، وهي بالكاد تهتم بالمنشور.

الجهات الرسمية، تشارك في المعارض المحلية والدولية، كمعارض الكتب وهي بكل تأكيد تشرك الكاتب الإماراتي في حزمة من الأنشطة الثقافية والإبداعية وهذه بكل تأكيد تسهم في الازدهار الثقافي والمعرفي، في حين أن دور النشر التجارية في غالبيتها تسهم في إحباط الكاتب ولا تسلط الضوء على إصداراته ولا بأي شكل من الأشكال.

نظرية خاطئة

وحول أهمية وجود نصوص إبداعية للكاتب الإماراتي في المناهج التعليمية، قال فهد المعمري: «أولاً، يجب أن نعترف أن السن وطول التجربة، ليس معياراً للجودة الإبداعية، فقد تجد كاتباً في الثلاثين يبدع نصوصاً كبيرة، تقدم سرداً أدبياً فائق الخصوصية سواء كان ذلك في الشعر أو الرواية أو القصة، كما أن القول بضرورة تضمين كافة نصوص الكتّاب الأوائل في المناهج التعليمية، من دون تمحيصها وفحصها، فهذا يدخل في باب الارتجال والنظرية الخاطئة».

وبناء عليه، يطرح فهد المعمري ضرورة وجود لجان أدبية متخصصة، تقوم بفرز أبرز النصوص الأدبية وتوزيعها على المراحل الدراسية المختلفة من الابتدائية وحتى الثانوية، ولا بأس من اختيار نصوص أخرى لتقديمها في المرحلة الجامعية ويقول: «من المهم جداً، أن تشتمل مقررات التربية والتعليم، على نماذج إبداعية إماراتية، فيها قدر عال من القيمة الأدبية واللغوية، كما أن توفر هذه النصوص، لا شك أنه سيشكل ثراءً ثقافياً ومعرفياً أمام الطلبة، ويحسّن من مهاراتهم اللغوية بما تحمله تلك النصوص من أفكار، وما توفره سبل التذوق والحساسيات الأدبية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"