عادي
تتكرر سنوياً للتهرب من «رواتب الصيف»

«الإجازات المبكرة وإنهاء الخدمات».. إشكاليات متجددة لمعلمي مدارس خاصة

02:08 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
في الوقت الذي يستعد فيه العام الدراسي الجاري 2020-2021، للرحيل، وانشغال الميدان في الوقت الراهن بامتحانات نهاية العام، ركزت إدارات مدارس خاصة على إعداد خطط مدروسة، تتهرب من خلالها من رواتب الصيف للمعلمين والكوادر الأخرى، فذهب البعض إلى منح المعلمين إجازات مبكرة قبل انتهاء العام الدراسي لإجهاض رواتب الصيف، واختار البعض الآخر إنهاء خدمات أصحاب الرواتب الكبير وفق حساباتهم.

أكد عدد من المعلمين والإداريين العاملين في بعض المدارس الخاصة على مستوى الدولة، مواجهتهم إشكالية جديدة هذا العام، إذ طالبتهم مدارسهم بأخذ إجازة الصيف مبكراً بنصف راتب، فيما سجل البعض الآخر تلقي خطابات بإنهاء الخدمات الأمر الذي يشكل «أزمة طاحنة» لهم، لاسيما أن القرارات تسبق الإجازة الصيفية بأيام قليلة، موضحين أن اللوائح لم تشتمل على بنود تحميهم من قرارات إدارات المدارس.

وطالب عدد من المعلمين بتدخل الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص، لوقف معاناة المعلمين المتجددة في الميدان، خلال هذه الفترة من كل عام، فتارة إجازات مبكرة، وأخرى إنهاء خدمات.

وعلى الرغم من تطور هذه الإشكالية المتجددة في الميدان التربوي سنوياً، واتخاذها صوراً جديدة العام الجاري، إلا أن الحلول المقترحة جاءت «متواضعة»، ولم تضع نهاية حقيقية لهذه الظاهرة، حيث يظهر هذا جلياً عند تأكيد الجهات المعنية أن وزارة التوطين والموارد البشرية تعد الجهة المعنية بتنظيم علاقات العمل بين المعلمين والمدارس الخاصة.

«الخليج» تناقش الظاهرة، للوقوف على أسباب تكرارها في مجتمع التعليم «الخاص»، وبحث أفضل السبل للقضاء عليها، لتحقيق الاستقرار لمختلف فئات المعلمين في التخصصات كافة.

إجازة مبكرة

أجبرتنا مدارسنا على تقديم طلبات إجازة مبكرة (من دون راتب)، قبل انتهاء العام الدراسي بأيام، فضلاً عن مطالبات أخرى بتقديم إجازة قبل بداية الإجازة الصيفية مقابل (نصف راتب)، أو تقديم الاستقالة، هذا ما أكدته شريحة من المعلمين تضم «علي.أ، مها.ح، وسامح.غ، وماعن.ع»، موضحين أنها المرة الأولى التي تحدث معهم خلال فترة عملهم، من دون العلم بالأسباب والتداعيات التي سبقت قرار مدارسهم.

وأوضحوا أن مثل هذه القرارات تؤثر سلباً في الأمور الحياتية للمعلمين، لاسيما الذين ليس لهم مورد دخل آخر، ويعتبرون أن راتب الصيف الوقود الذي يحرك حياتهم حتى بداية العام الدراسي الجديد، فعلى الجهات المعنية مراقبة قرارات المدارس، خاصة التي تتحكم في مصير المعلم واستقراره الأسري والوظيفي.

إنهاء خدمات

في سياق متصل، أكد عدد من المعلمين والمعلمات في بعض المدارس الخاصة، أن أصحاب بعض المدارس الخاصة يتلاعبون بحقوقهم المالية، حيث أجبرهم البعض على تقديم إجازة من دون راتب قبل بداية الإجازة الصيفية، ووُجه البعض بإنهاء خدماتهم بحجة العمالة الزائدة، وحرص البعض على تقليص المصاريف التشغيلية ب«تفنيش» مجموعة من المعلمين والإداريين، وسادت المعاناة جموع المعلمين، إذ ركزت إدارات مدارسهم على تقليص مستحقاتهم المالية في أشهر الصيف.

وقال كل من «ماجد.م، وشريف.ع، وآمال.ح، مثياء.أ»، إنهم استلموا خطاباً بإنهاء خدماتهم قبل أيام من مدارسهم، من دون أسباب، موضحين أن المعلمون الآن يتحملون أي إشكالية مالية تواجه مدارسهم، وحتى مسارات التطوير والتشييد يدفع ثمنها المعلمون، مشيرين إلى أن مدارسهم تعاني ديوناً مالية بسبب تشييد مبان توسعية منذ سنوات، ولا تستطيع دفع رواتب الإجازة ومبلغ التأمين الصحي، الأمر الذي دفعها إلى إنهاء خدمات عدد كبير من المعلمين والمعلمات وبعض الإداريين والفنيين في المدرسة.

توقيع الاستقالة

وأفادوا بإن بعض المدارس تشترط على معلميها توقيع الاستقالة، لتوقيع عقد العمل، حتى لا يكون لهم أي حق في الاعتراض عند إنهاء خدماتهم، فضلاً عن تنفيذ الخدمات الإجبارية التي تطلب منهم، موضحين أن إدارات المدارس تحرص على استخدام الاستقالة في إهدار حقوقهم العمالية، وخفض أجورهم، واستخدام آلية الخصم من الراتب في حال الموافقة على الإجازات السنوية والمرضية، وتحميلهم قيمة التأمين الصحي ورسوم الإقامة.

وأكدوا أن المعلم مسؤول عن تعليم الطلبة، وأداء واجباته الإدارية والفنية، وتخريج أجيال المستقبل، وبدلاً من أن يحصل على مكافأته في نهاية العام، يجد قرار إنهاء خدماته في انتظاره، أو قراراً يجبره على الإجازة من دون راتب، ليصبح في ورطة حقيقية، لتدبير احتياجاته الأسرية خلال الإجازة الصيفية تارة، والبحث عن عمل جديد تارة أخرى، مطالبين بوضع ضوابط جديدة لمواجهة تلك الممارسات التي تستخدمها إدارات المدارس وتتكرر في الميدان سنوياً.

لا توجد حالات

وفي وقفة مع عدد من مديري المدارس، أكد كل من: خلود فهمي ومنار علي وسلامة.م، وحميدان ماضي، وخالد عبدالحميد، وسلمى عيد، أن تلك الظاهرة لم تصل إلى مدارسهم، ولا توجد حالات إنهاء خدمات للمعلمين أو أي كوادر أخرى، وتركز اتجاهاتهم على تعيين معلمين جدد للعام الدراسي المقبل2021-2022، فضلا عن حرصهم على سداد رواتب كوادرهم كافة، بانتظام على مدار أشهر السنة وفقاً لعقود العمل المبرمة، ولم يتطرقوا إلى الإجازات المبكرة التي تسبق نهاية العام الجاري.

وأكد البعض الآخر «فضلوا عدم ذكر أسمائهم» أن قرارات إنهاء الخدمات تعود إلى توجيهات ملاك بعض المدارس، وفي الأغلب لأسباب قد تكون غير معلومة لإدارة المدرسة ذاتها، موضحين أن لرواتب المعلمين نصيب الأسد في ارتفاع كلفة التشغيل في المدارس الخاصة، وهذا ما يجعل عملية إنهاء الخدمات والتعيين والإجازات من دون راتب عملية متغيرة وغير ثابتة سنوياً.

حلول مقترحة

أكدت خبيرة تطوير التعليم إيمان غالب، ضرورة إيجاد إطار موحد لتعيين وإنهاء خدمات المعلمين في المدارس الخاصة، بحيث تعمل على إعداده والإشراف عليه وزارة الموارد البشرية والتوطين ووزارة التربية والتعليم والهيئات والمجالس المعنية بالرقابة على المدارس الخاصة، فضلاً عن تحديد المعايير والأسس العامة التي يستند إليها الإطار، مع مراعاة فروق الجودة وسقف الرواتب بين مدرسة وأخرى.

وأوضحت أن واقع الحال يؤكد أن الكلمة العليا لملّاك المدارس الخاصة.

وأضافت أن حماية المعلم وتوفير الاستقرار الوظيفي والمعيشي له ولأسرته، مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق الجميع، والواجب يحتم على جميع عناصر العملية التعليمية المساهمة في رفع المعاناة عن معلمي المدارس الخاصة، لاسيما أنهم يشكلون شريحة كبيرة ومهمة في منظومة التعليم في الدولة، ونعوّل عليهم في بناء الأجيال التي تمثل الإمارات في المحافل الدولية بمجالاتها كافة.

علاقات العمل

الجهات المعنية أكدت أن علاقات العمل بين الكادر التعليمي والفنيين والإداريين والمدارس الخاصة، تنظمها وزارة الموارد البشرية والتوطين، ولا شأن للوزارة في تلك الأمور، إذ تخضع لاتفاق مسبق بين طرفي العلاقة «المدرسة والمعلم».

وفي دبي تخضع عقود العمل الخاصة بالكادر التعليمي كافة، للتشريعات السارية في الإمارة، وللشروط والضوابط والمتطلبات المعتمدة لدى هيئة المعرفة والتنمية البشرية، وعلى وجه الخصوص المؤهلات والخبرات اللازمة لتعيين المعلمين.

مع ضرورة تعيين كادر تعليمي مؤهل لكل مدرسة، وفق الشروط والإجراءات والمتطلبات المعتمدة لدى الهيئة، وعدم تعيين أي عضو في الكادر التعليمي قبل الحصول على موافقة الهيئة، مع ضرورة تزويدها بنسخ من عقود التعيين، وإعداد الخطط السنوية لتطوير الكادر التعليمي.

توحيد الجهود

أكد عدد من المعلمين ضرورة توحيد الجهود بين الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص في الدولة، ووزارة الموارد البشرية والتوطين، لإيجاد إطار موحد يضم معايير وأسساً موحدة لتعيين المعلمين، وسبل إنهاء خدماتهم بطرائق تضمن لهم الاستقرار الأسري والوظيفي، فضلاً عن تفعيل دور الجهات المسؤولة عن منظومة التعليم الخاصة، من خلال موقف فاعل تجاه تجاوزات بعض إدارات المدارس التي تتكرر سنوياً.

كما أكد معلمون ومعلمات في بعض المدارس الخاصة، أن رواتبهم لا تلعب أي دور مهم في الكلفة التشغيلية، إذ إن رواتبهم لا تزيد على 2000 درهم شهرياً، وقد تكون أقل في مدارس أخرى، معتبرين حالتهم مياهاً راكدة لا تتأثر بالحراك المادي لكلفة التعليم.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"