عادي

أليخاندرا بيثارنيك.. شاعرة أرجنتينية أعادت اختراع السيريالية

23:55 مساء
قراءة 3 دقائق

عندما بدأت أليخاندرا بيثارنيك (29 إبريل 1936 – 25 سبتمبر 1972) الكتابة، في الخمسينات من القرن الماضي، كان الجميع يعتبر أن السيريالية قد ماتت، وكان من الطبيعي لشاعرة مثلها تفتّح وعيها على الذوق السيريالي، أن تستخدم منهج المدرسة الميتة «كمن يرتدي ساعة قريب متوف» كان لدى أليخاندرا الشابة هدف وحيد وواضح: أن تكتب قصائد جيدة، وأن تصبح شاعرة جيدة، وبذلك يبدو أنها وضعت نفسها في القطب المعاكس لبرنامج السيريالية، لكنها في الواقع اضطلعت به من الداخل، معيدة اختراع السيريالية من موتها الأساسي قبل الولادة.

قد صدرت لها أخيراً مختارات شعرية بعنوان: «لا شيء يشبه القلب» عن دار خطوط وظلال، ترجمة الشاعرين أحمد يماني ورنا التونسي، حيث تصدرت المختارات مقتطفات من كتاب الروائي الأرجنتيني ثيسار أيرا عن تلك الشاعرة، التي وُلدت في أحد أقاليم مدينة بوينوس آيرِس، وهي الابنة الثانية لمهاجرين، كانا قد وصلا إلى الأرجنتين، قبل ثلاث سنوات من ولادتها، قادمين من روفني (مدينة كانت روسية ثم بولندية على التوالي).

كان أبوها سمسار ذهب، وتحصل على وضع مالي جيد، فدرست في مدرسة مشتركة، وبدأت بعد ذلك الدراسة الجامعية، ثم هجرتها، حيث درست على الترتيب الفلسفة والإعلام والآداب، وكذلك الرسم في إحدى الورش، ثم نشرت ديوانها الأول «الأرض الأبعد» عام 1955، والذي سوف تتنصل منه لاحقاً، وقد وقعته باسم فلورا أليخاندرا بيثارنيك، ونشرت بعد ذلك مباشرة «البراءة الأخيرة» عام (1956) ثم «المغامرات المفقودة» عام (1958).

سافرت «أليخاندرا» عام 1960 إلى باريس، حيث بقيت هناك أربعة أعوام، كانت أساسية في تشكيلها وتكوينها الأدبي، وفي عام 1962 ظهر في بوينوس آيرس ديوانها «شجرة ديانا» وهو الكتاب الذي حدّد أسلوبها ومنهجها المميزين، وبعد عودتها إلى الأرجنتين عام 1965 نشرت «الأعمال والليالي» وقد لاقى ترحيباً نقدياً كبيراً.

في عام 1967 مات والدها في سن صغيرة، وفي العام التالي انتقلت إلى شقة خاصة بها في بوينوس آيرس، وكانت قد عاشت حتى تجاوزت الثلاثين في منزل أبيها، وفي عام 1968 نشرت ديوان «استخراج حجر الجنون»، وفي ذلك العام حصلت على منحة، وسافرت إلى نيويورك وباريس.

استحالت مشكلاتها الداخلية إلى أزمة ففي عام 1970 كانت محاولة الانتحار الأولى، والتي تبعتها محاولات أخرى، وقضت فترات طويلة محجوزة في جناح طب النفس العصبي في أحد المستشفيات، وفي سبتمبر من عام 1972، في عمر السادسة والثلاثين، ماتت نتيجة جرعة زائدة من الحبوب المنومة، وكانت قد نشرت ديواناً أخيراً هو «الجحيم الموسيقي» ثم ظهرت بعد وفاتها قصائد لم تنشر من قبل، الأهم من بينها كان ديوان «نصوص الظل وقصائد أخرى» عام (1982).

في عام 1994 ظهر مجلد يجمع أعمالها الكاملة، في ما عدا كتابها الأول، الذي تنصلت منه، هناك أيضاً كتاب يوميات، وقد نُشرت أجزاء منه، وكذلك رسائل، وفي عام 1991 ظهرت بيوغرافيا من إعداد كريستينا بِيْنا، وهي من جمعت أعمالها الكاملة كذلك، وكان ذلك حدثاً استثنائياً في الأدب الأرجنتيني، يمكن أن يختص بهالة المكانة الأسطورية، التي غلفت حياة وعمل أليخاندرا بيثارنيك. يؤكد الروائي الأرجنتيني ثيسار أيرا أن معظم ما يُكتب عنها من قبيل: «الغريقة الصغيرة» و«الفتاة الضائعة» و«تمثال فارغ من نفسه» وأشياء من هذا القبيل، تمثل عدم احترام، أو ثقة مفرطة، لكن في كل الحالات هناك إنقاص كبير من القيمة، إنه يختزل الشاعر إلى تحفة للزينة في رفوف الأدب، ويغلق العملية التي ينبثق منها الشعر، وهي نتيجة معتادة تماماً لعمل النقاد والذين - رغم نواياهم الحسنة - يبدو أنهم مصممون على تجميد الأدب في أشياء، وينتهي الكاتب وعمله إلى «تمثال صغير من الرعب».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"