عادي
أسئلة محيرة طرحها الانفجار العظيم

نصف ثانية غيرت شكل الكون

22:56 مساء
قراءة 3 دقائق
5

القاهرة: «الخليج»

يحتوي كتاب الدكتور محمد شحات أحمد وعنوانه «العنف والانفجارات الكونية» على وصف لأحداث طبيعية مثيرة، شغلت أذهان العديد من المهتمين بالعلوم الكونية، منذ قرون مضت، لم ينحصر ذلك الاهتمام بتلك الأحداث على علماء الفلك فقط؛ بل شمل علماء الجيولوجيا (علم الأرض) والبيولوجيا (علم الحياة).

لم يكن حل ألغاز تلك الأحداث سهلاً؛ بل كان يزداد تعقيداً بمرور الأزمنة، فقد ازداد الأمر إثارة عندما عثر على الكثير من البقايا الحفرية لأنواع حيوانية بائدة، الكثير من تلك الأنواع هلك منذ عشرات الملايين من الأعوام.

عقب التعرف إلى الحفريات ثمة تساؤلات منطقية فرضت نفسها، تناولت كيفية هلاك تلك الأنواع القديمة، ولماذا كان هلاكها واندثارها خلال فترة زمنية معينة؟ أما علماء التطور الأحيائي فكانت تساؤلاتهم متوقعة إلى حد ما مثل: هل تمثل تلك الأنواع القديمة أسلافاً بائدة للعديد من الأنواع الحيوانية الحالية؟ هل للكوارث الطبيعية الشرسة دور في وقوع الانقراضات الأحيائية؟ هل نتيجة لتلك النكبات المروعة التي حدثت قديماً ظهرنا نحن البشر للوجود على سطح ذلك الكوكب المسمى الأرض؟

كوارث مروعة

يوضح الكتاب أن كوكب الأرض تعرض عبر تاريخه لكوارث مروعة نتيجة ارتطامات ورجوم سماوية من قبل أجسام كونية مرعبة، الأمر هنا لا يقتصر على مجرد سقوط جسم سماوي على الأرض، محدثاً خراباً لا يوصف؛ بل على ما ترتب عن ذلك الرجم السماوي على البيئة الأرضية في هيئة تأثيرات فيزيقية مؤثرة في جميع أنواع الكائنات الحية.

يشير الكتاب إلى أن الأحداث الفيزيقية الدراماتيكية القاسية التي وقعت قديماً، وعلى فترات متباعدة، كانت بمثابة اختبارات طبيعية صعبة للأنواع الأحيائية، فالأنواع الأقل تحملاً للمصاعب البيئية بادت وتوارت عن مسرح الحياة إلى الأبد، ولم يبق منها سوى حفرياتها الدالة على وجودها يوماً ما، أما الأنواع التي صمدت أمام تلك المصاعب فبقي نوعها، لقد بقيت تلك الأنواع وظهرت منها فصائل أكثر تعقيداً مقارنة بأسلافها المتحدرة منها.

سرد روائي

في هذا الكتاب سرد لرواية كونية، بطريقة ارتجاعية، بمعنى البدء بحدث وقع في عصرنا الحالي، والعودة بالتفاصيل إلى الوراء، إلى الماضي البعيد جداً؛ إذ يستهل الكتاب بحدث وقع في عام 1994 على كوكب المشتري، وصولاً إلى بدايات نشأة الكون، وقد صار ممكناً إعادة النظر ومناقشة بعض المعتقدات الخاصة ببعض الأفكار الفلكية، التي وردت على ألسنة رجال الدين قديماً وحديثاً، ليصير علم الفلك مرتبطاً بالبراهين المنظورة والتجريبية، دون التسليم الأعمى بالأفكار المتوارثة.

تقلبات طفيفة

يهتم الإنسان بمعرفة عمر الكون وكيف نشأ؟ عمر الشمس وإلى متى تظل تمدنا بالحرارة والضوء؟ كيف ستكون نهايتها؟ ومتى؟ وهل سيبقى مدار الأرض حول الشمس كما هو أم سيتغير في المستقبل؟ يفسر ضجيج الخلفية الكونية الذي يسبح فيه الكون بأسره وجود درجة حرارة 2,7 كالفن على أنه بقية الإشعاع الحار الصادر عقب الانفجار العظيم ب 300 ألف سنة عندما انفصلت المادة عن الإشعاع، كل عن الآخر، وهذا الحجاب يحول بيننا وبين رصد الحوادث السابقة عليه، لقد تم الحصول عل خارطة ذلك الإشعاع الحفري، وتم التأكد من وجود تقلبات طفيفة في ذلك الإشعاع الكوني، الذي يعد من بقايا مولد كوننا العظيم.

تمدد المكان

يرى الكتاب أن معظم الناس يقبلون وبقدر من الاقتناع بالمفهوم العلمي للانفجار الكوني العظيم، بوصفه المسبب لنشأة الكون، لكن أن نقوم بسبر الحدث الأصلي فهو أمر في حد ذاته ينذر بالخطر: «من يهمه أن يعرف ما حدث بعد الانفجار الكوني العظيم بنصف ثانية؟» فوفق ما كتبه أحدهم قائلاً: «ماذا عن الأمر في نصف الثانية التي سبقت مولد الكون؟» إن فكرة فضاء يتمدد كانت بمثابة الإلهام الذي ساعد أينشتاين على الوصول إلى نظرية النسبية العامة.

لقد خضعت هذه النظرية لما يكفي من الاختبارات لجعل علماء الكونيات الجادين يتقبلونها، بمن فيهم القليلون منهم الذين لا يزالون يعارضون فكرة الانفجار الكوني العظيم إلى اليوم، فوفقاً للنسبية العامة لا يشكل الزمن ولا المكان نطاقاً سكونياً، يتطور الكون داخله، إنما هما جزءان لا يتجزءان من حقل جاذبيته، يظهر هذا الحقل وكأنه تشوه بحدوث «انحناء» في الزمكان، وفي الحالة التي تهمنا هنا، يأخذ هذا «التشوه» شكل تمدد تدريجي للمكان.

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"