حقوق متبادلة

01:13 صباحا
قراءة دقيقتين

في كل مرة يتداول مقطع عن أحدهم ينتقد فيه المرأة المتزوجة، بأنها لا تؤدي واجبات الزوجية كما كانت تؤديها الأمهات والجدات في الماضي، ومن يعرض مثل تلك القصص ويطالب المرأة، بأن تكون نسخة من أمها وجدتها، وتكون فوق ذلك مربية وخادمة وحاضنة ومعلمة، فإنه يقتصر فكره بالتركيز على واجبات المرأة، ولا يجد غضاضة في أن يتخلى الرجل، عن واجباته، ونجده مقصراً حتى بواجباته تجاه ربه، ويتمادى بالمطالبة بكامل حقوقه. 
 والمساهم في نشر مثل تلك المقاطع، عليه مسؤولية أكبر بنشر ذلك «الفكر» السلبي في المجتمع، فالمطالبة لا بدّ أن تكون بالتساوي أيضاً، فحين يطلب الرجل أن تؤدي من يرتبط بها جميع واجباتها، وتضع جلّ جهدها ووقتها لزوجها وأسرتها، ينبغي له كذلك، من حيث الواجبات والحقوق، ليس أن يصل إلى المنزل للراحة فقط، ويتوقع أن يحصل على الخدمة التي يحلم بها كل رجل؛ إذ لا بدّ أن يؤدي حقوقه وواجباته كاملة، تجاه أسرته، ويقابل زوجته وأبناءه ويساعدها في تربيتهم، وخاصة الصغار الذين هم بحاجة ماسة إلى وقفة «أب» يتعلمون منه المذهب والسنع والشيم والأخلاق التي ربّته عليها أسرته، لتتوالى الأجيال الصالحة في مجتمعنا بعيداً عن المشكلات الناتجة عن سوء التربية أوغيابها. 
 ولا بدّ أن تكون هناك شراكة حقيقية، من حيث التعاون والتعاضد من أجل الأسرة، لا تقدم مصلحة شخصية على حساب الأسرة والأبناء، خاصة في الأوقات الراهنة التي نلاحظ فيها انتشار معدلات الطلاق لأتفه الأسباب، والسبب البعد تماماً عن مسؤولية خلق أسرة تسودها قيم التراحم والتغاضي عن سفساف الأمور، من أجل تنشئة جيل يعتدّ به، ويكاد السبب الرئيسي في كل ذلك، يكمن في البعد عن مخافة رب العباد، وقلة الوازع الديني الذي يحكم العلاقات ويوطدها، خاصة أن ديننا الإسلامي يقدس رباط الزوجية وواجبات الجميع وحقوقهم، ويوصي نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، دائماً في أحاديثه، بالنساء خيراً.
 وأسرنا الإماراتية تنضح بكثير من أمثال الإماراتيات اللواتي يقمن بواجباتهن على أكمل وجه، ويقابلهن أزواجهن الذين لا يبخلون على أسرهم بالاهتمام والإنفاق والمتابعة الحثيثة لأبنائهم، ومجتمعنا يكبر بهم، وسعادتنا تكبر أيضاً، حين نشاهد نتائج تلك الأسر من أبناء متفوّقين وناجحين في حياتهم، فطوبى لكل أسرة وضعت نصب أعينها حق أبنائها، ولم تضيع حقوقهم الفردية في خضم ذلك الاهتمام؛ بل كانت تحصيل حاصل، لنبل الهدف والقيم التي يتبعونها في حياتهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"