الحرب الأوكرانية والأمن الغذائي العربي

22:24 مساء
قراءة 3 دقائق

عدنان أحمد يوسف *

قبل أيام نشر اتحاد المصارف العربية دراسة هامة حول تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية على الأمن الغذائي الخليجي، وهو جانب حيوي واستراتيجي للاقتصاد العربي.

الحبوب أهم مادة غذائية لها تأثير مباشر في الأمن الغذائي العربي، وهي مادة غذائية استراتيجية كما نعلم، وذلك بسبب اعتماد عدد كبير من الدول العربية، وبشكل كبير جداً، على واردات الحبوب من كل من أوكرانيا وروسيا، مع الإشارة إلى أن هذه الحرب قد دفعت بأسعار القمح صعوداً لتصل إلى مستويات لم تسجلها منذ 14 عاماً.

وتمثل صادرات روسيا وأوكرانيا من القمح والذرة جزءاً كبيراً جداً من الصادرات العالمية من هذين المنتجين. وقد بلغت صادرات روسيا من القمح عام 2020 نسبة 19.4% من صادرات القمح العالمية، و1.2% من صادرات الذرة، و2.2% من صادرات طحين القمح. في المقابل، بلغت صادرات أوكرانيا من القمح نسبة 9.4% من مجمل الصادرات العالمية عام 2020، وصادراتها من الذرة نسبة 15.1% من الصادرات العالمية، وطحين القمح نسبة 1.9%. وعليه، فقد بلغت صادرات هاتين الدولتين نحو 55,323 ألف طن من القمح عام 2020، مثلت نسبة 28.8% من الصادرات العالمية، ونحو 30,242 ألف طن من الذرة، مثلت نسبة 16.3% من الصادرات العالمية، ونحو 468 ألف طن من طحين القمح، مثلت نسبة 4.1% من الصادرات العالمية. تدل هذه الأرقام على الأهمية الكبيرة لروسيا وأوكرانيا في إنتاج وتصدير القمح والذرة عالمياً، وخطورة انقطاع صادراتهما عن الأسواق الدولية.

وتعتمد الدول العربية بشكل كبير على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا، حيث تظهر البيانات أن الدول العربية قد استوردت نحو 13,165 ألف طن من القمح من روسيا (بتكلفة 2,847 مليون دولار) ونحو 7,598 ألف طن من أوكرانيا (بتكلفة 1,527 مليون دولار) عام 2020. وقد شكلت واردات القمح الروسي إلى الدول العربية نسبة 35.3% من مجمل صادرات روسيا من القمح، في حين شكلت واردات القمح الأوكراني إلى الدول العربية نسبة 42.1% من مجمل صادرات أوكرانيا من القمح. وعليه، فقد بلغ مجمل واردات القمح إلى الدول العربية نحو 20,763 ألف طن عام 2020، مثلت نحو 10.8% من مجمل صادرات القمح العالمية، ما يدل على الاعتماد الكبير للدول العربية على هذه السلعة من جهة، وأهمية السوق العربية بالنسبة للقمح من جهة أخرى. أما بالنسبة لمجمل تكلفة استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا إلى الدول العربية، فقد بلغ نحو 4,374 مليون دولار.

أما على صعيد كل دولة، فقد احتلت مصر المرتبة الأولى عالمياً في استيراد كل من القمح الروسي والأوكراني، حيث استوردت نحو 8,255 ألف طن من القمح الروسي ونحو 3,075 ألف طن من القمح الأوكراني عام 2020. وهكذا تكون مصر قد استوردت نسبة 62.7% من واردات القمح الروسي إلى الدول العربية و22.1% من مجمل صادرات روسيا من القمح، و40.5% من مجمل واردات القمح الأوكراني إلى الدول العربية ونسبة 17.0% من مجمل صادرات أوكرانيا من القمح. وقد تلا مصر من حيث حجم استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا، اليمن، بمجمل واردات بلغ نحو 1,504 ألف طن، فالسودان (1,443 ألف طن)، فالمغرب (1,379 ألف طن)، فتونس (1,095 ألف طن)، فلبنان (829 ألف طن)، فليبيا (717 ألف طن)، فالإمارات العربية المتحدة (686 ألف طن)، فالأردن (517 ألف طن)، ثم تأتي بقية الدول.

خلاصة القول إن الاعتماد الكبير لمعظم الدول العربية على واردات القمح والذرة من كل من روسيا وأوكرانيا يمثل تحدياً جدياً في ما خصّ الأمن الغذائي العربي، وخاصة مع ارتفاع الأسعار وتأثيرها في المواطنين من ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي يستدعي السعي إلى تعزيز الأمن الغذائي ذاتياً، عبر الاستثمار في مشاريع زراعية عربية مشتركة، وذلك في ظل وجود فوائض مالية ضخمة وأراضٍ شاسعة قابلة للزراعة بالحبوب والقمح على امتداد الوطن العربي.

* رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"