دبي: خنساء الزبير
تواجه «أمازون» أعداداً متزايدة من البضائع التي تتم إعادتها والتي تتسبب في مشكلة هائلة لعملاق التجارة الإلكترونية هذا ولجميع كوكب الأرض؛ فقد وجد استطلاع أجراه الاتحاد الوطني للتجزئة أن 761 مليار دولار من البضائع أعيدت إلى تجار التجزئة في عام 2021، وهذا المبلغ يتجاوز ما أنفقته الولايات المتحدة الأمريكية على الدفاع الوطني في عام 2021، والذي كان 741 مليار دولار.
وفيما لم تشارك «أمازون» أرقام المرتجعات الإجمالية، إلا أنه في عام 2021 قدر الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة أنه تم إرجاع 16.6% من جميع البضائع المبيعة خلال موسم العطلات، أي بزيادة أكثر من 56% عن العام السابق، وبالنسبة للمشتريات عبر الإنترنت كان متوسط معدل المرتجعات أعلى بنسبة 21% تقريباً مقارنة ب 18% في عام 2020، ومع 469 مليار دولار من صافي مرتجعات المبيعات التي كانت في العام الماضي فمن المحتمل أن يكون نصيب أمازون منها رقماً ضخماً.
وفقاً لمزود حلول المرتجعات «أوبتورو» فإن مرتجعات الولايات المتحدة تولد 16 مليون طن متري من انبعاثات الكربون خلال رحلتها العكسية المعقدة، وما يصل إلى 5.8 مليار رطل من نفايات المكبات كل عام.
وفي هذا الشأن يقول مارك كوهين، مدير دراسات البيع بالتجزئة في كلية كولومبيا للأعمال والمدير التنفيذي السابق لشركة «سيرز كندا»: «نحن نتحدث عن مليارات الدولارات من النفايات التي تُعد منتجاً ثانوياً للنزعة الاستهلاكية التي لا تهدأ، إن الخدمات اللوجستية العكسية تكون سيئة دائماً؛ لأن البضائع في معظم الحالات لا يمكن إعادة بيعها كما كانت في الأصل، وأن المسار الأكثر ملاءمة لها هو القمامة ومن ثم مكب النفايات».
أما «أمازن» فقد أخبرت شبكة «سي إن بي سي» أنها لا ترسل أي عناصر إلى مكبات النفايات، لكنها تعتمد على «استعادة الطاقة» كملاذ أخير. وجاء رد كوهين: «استعادة الطاقة تعني حرق شيء ما لإنتاج الحرارة ولإنتاج الطاقة»، قال إن هذا تبرير التخلص من البضائع على أنه تحويل من شكل إلى آخر لدرجة لا أعتقد معها أنهم يكشفون عن الأمر بالكامل. وذكرت «أمازون» أنها تعمل على تحقيق هدف «صفر تخلص من المنتجات» على الرغم من أنها لن تحدد موعداً مستهدفاً للوصول إلى هذا الهدف؛ وقالت شيري أرمور، رئيسة مرتجعات أمازون في أمريكا الشمالية، في مقابلة حصرية مع سي إن بي سي، إنهم يشجعون حياة ثانية لجميع المنتجات التي ترجع إليهم، ويأتي ذلك في شكل بيع أغلبيتها، حيث تتم إعادة بيعها على أنها جديدة ومستعملة، أو تعود إلى البائع أو المورد، أو يتم التبرع بها. وقالت إن استعادة الطاقة مخصصة فقط للعناصر التي لا يمكن تحسينها، أو التي لا يمكن إعادة تدويرها؛ لأسباب قانونية أو صحية أو لتلف المنتج.
سهولة الإرجاع
وجد الباحثون أن المستهلكين يحبون الإرجاع السهل، ووجد استطلاع أُجري عام 2018 وغالباً ما يُستشهد به والذي شمل 1300 متسوق عبر الإنترنت، أن 96% سيعاودون التعامل مع بائع تجزئة إذا كانت لديهم تجربة إرجاع جيدة معه، وامتنع 69% عن الشراء عندما علموا أنه سيتعين عليهم الدفع مقابل إعادة الشحن؛ وفي عام 2019 وسعت أمازون عمليات الإرجاع المجانية والسهلة لملايين من أنواع البضائع. وتتيح الآن إمكانية الإرجاع في 18000 موقع بجانب خيار تسليم العناصر بدون صندوق أو ملصق في بعض الأماكن، كما أن هناك برنامج «جرب قبل الشراء» لأعضاء «برايم» المصمم لجعل عمليات إرجاع الملابس أسهل، مع ملصقات الإرجاع مضمنة بالفعل في الصندوق؛ وفي نهاية عمليات الإرجاع السهلة تسمح أمازون بشكل متزايد للعملاء بالاحتفاظ ببعض العناصر المرتجعة مع الاستمرار في رد القيمة.
كيف تتعامل «أمازون»؟
أنفقت «أمازون» ما يقرب من 152 مليار دولار على الخدمات اللوجستية في عام 2021، أي ما يقرب من ثلث صافي المبيعات، وهذا ارتفاع من 119 مليار دولار في عام 2020، وتعتبر المرتجعات عاملاً في هذه التكاليف؛ لذا فإن أي شيء يمكن أن تفعله لخفض هذه التكاليف سيساعد في تحقيق أرباحها.
وتحقيقاً لهذه الغاية أطلقت في عام 2019 برنامج تبرعات يسمح للبائعين الأمريكيين بالتبرع تلقائياً بالسلع الزائدة والمرتجعة لشبكة تضم 100000 جمعية خيرية محلية، من خلال شراكة مع شبكة غير ربحية يُطلق عليها «جوود 360»، وتعمل مع حوالي 400 شركة، بما في ذلك شركات عملاقة مثل «وول مارت» و«نايكي»، لكنها تقول إن «أمازون» أكبر شركة مانحة لها.
وتقول، إنها تنسق مع الجمعيات الخيرية المحلية لعمليات جمع التبرعات مباشرة من أكثر من 230 منشأة تابعة ل «أمازون»، مما يساعد الأخيرة على توفير تكاليف النقل خاصة مع ارتفاع أسعار الغاز إلى مستويات قياسية، وتدفع المنظمات غير الربحية رسوم «جوود 360» للمساعدة في تغطية تكاليف الشحن.
ويقول شاري رودولف كبير مسؤولي التطوير ومدير التسويق في «جوود 360»، إنهم لن يقوموا بإعادة بيع هذه العناصر أو وضعها في مواقع المزادات عبر الإنترنت أو نقلها إلى أسواق السلع المستعملة المحلية أو نحو ذلك؛ لأن حماية سلامة العلامة التجارية للمانحين أمر أساسي للمنظمة. هناك أيضاً عمليات شطب ضريبية محتملة يمكن أن تأتي مع التبرع لمؤسسة غير ربحية.
طفرة في السوق الثانوية
توجد أيضاً طفرة في السوق الثانوية، أو سوق البضائع المستعملة، والتي تجعل من السهل جني الأموال من العناصر المستعملة ووسط ضغوط متزايدة من المتسوقين صغار السن الذين يريدون خيارات تسوق مستدامة وتراكم سلسلة التوريد مما تسبب في نقص في السلع الجديدة، وحسب روجرز في ولاية كولورادو فإن حجم السوق الثانوية لعام 2021 كان 688 مليار دولار، ارتفاعاً من 649 مليار دولار في عام 2020.
ونظراً لأن العناصر المستعملة أصبحت وسيلة لجني الأموال أطلقت «أمازون» برنامجين جديدين لإعادة المرتجعات إلى الوطن في عام 2020، وهي تمنح البائعين الآن خيار تصفية المرتجعات وإرسالها إلى المصفين الخارجيين الرئيسيين لبيعها بالمزاد في السوق الثانوية. وفي عام 2020 أيضاً بدأت في تقديم خيار التصنيف بالدرجات وإعادة البيع لبائعين مختارين، وباستخدام هذا الخيار تقوم أمازون بتقييم العنصر المرتجع ومنحه درجة - مثل جديد أو جيد جداً أو جيد أو مقبول - ثم يعاد بيعه في أقسام خاصة من موقعه.
لكن خبراء اللوجستيات العكسية يقولون إن أفضل طريقة لتقليل النفايات وتقليل تكلفة المرتجعات هي منع حدوثها في المقام الأول، ثم وضع طرق لتثبط إعادة البضائع كتحصيل رسوم عليها.
