في معظم ممارساتنا اليومية لاستهلاك المحتوى والمنتجات والخدمات عبر المنصات المختلفة، هناك جزء كبير نعتمد فيه على تدخلات الذكاء الاصطناعي، دون أن ندرك مدى واقعية هذا الأمر وتأثيره على تفضيلاتنا وقرارات شرائنا وتوجهاتنا وأفكارنا، ناهيك عن مقترحات لكتابة رسائلنا ووجهات عطلاتنا وتحسين جودة حياتنا من نواحٍ مختلفة. كيف تؤثر هذه الثورة في صناعة التسويق على عمل المسوّقين؟ وهل يعني ذلك القضاء على وظائف التسويق والمبيعات كما نعرفها؟
ما نتحدث عنه هو التسويق بالذكاء الاصطناعي، أي استخدامه لاتخاذ قرارات آلية بناء على عمليات ضخمة لا تتوقف لجمع وفرز وتحليل البيانات وسلوك واتجاهات العملاء، دون الحاجة إلى عدد كبير من الفرق للقيام بمهام تكتيكية تطلب قدراً أقل من التدخل البشري، وتشمل هذه الحالات تحليل البيانات، معالجة اللغة الطبيعية، الإعلانات، توليد المحتوى والتخصيص الآني والمباشر لتجربة العميل.
إن هذه الأدوات تتوافق مع احتياجات صناعة التسويق المتزايدة لمعالجة تحديات كثيرة مثل: جودة العمليات التسويقية مقارنة بالمردود على الاستثمار، التغيرات في أفق الأسواق، الانتقال إلى الافتراضي والواقع المعزز، ومشكلات الخصوصية.
قد تبدو هذه الأدوات أقرب إلى العصا السحرية بالنسبة لمؤسسات اليوم، إلا أن الأمر مختلف تماماً خاصة إذا ما علمنا أن أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على تعلم الآلة بشكل كبير لاتخاذ قرارات مختلفة، هي ليست بمعزل عن القواعد التي يضعها البشر كمدخلات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عن مسوقين استراتيجيين، وصناع للمحتوى، وفريق مبيعات متمرس ومتخصصين في صناعة تجربة عملاء فريدة. الاستفادة الحقيقية تكمن في استثمار هذه الأدوات في تحليل البيانات الضخمة لاتخاذ قرارات صحيحة عندما يتعلق الأمر باختيار المنصات المناسبة للإعلان، أو توليد المزيد من المحتوى بناء على استراتيجيات واضحة وضعها البشر، ومتابعة ما يقوم به المنافسون ليل نهار للقيام بخطوات أكثر ذكاء في الأسواق، وقراءة اتجاهات العملاء لبناء فرضيات تعين على توجيه الاستثمارات والوقت بشكل صحيح.
إن سؤال الوظائف مطروح وبقوة والإجابة هي في تدريب وتعزيز مسوّقين ومختصي مبيعات وخدمة عملاء أكثر ذكاء وإتقاناً لأساسيات الصناعة التسويقية والمتمثلة في: وضع الاستراتيجيات والأهداف الواضحة، تحديد معايير الأداء وحماية الخصوصية، الاهتمام بالجودة قبل الكم، ودراسة وفهم العملاء وطبيعتهم، وكل ذلك باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين التجربة التسويقية وزيادة قدرات فريق العمل وجودة أدائه.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
