عادي

الرئيس الكولومبي يستبدل بحرب المخدرات الفاشلة وقف الاستهلاك

19:37 مساء
قراءة 4 دقائق
غوستافو بيترو

أدى غوستافو بيترو، أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا اليمين الدستورية، الأحد، أمام مئات آلاف الأشخاص في بوغوتا، موجهاً الدعوة للجماعات المسلحة لتوقيع اتفاقية السلام، فضلاً عن إنهاء «الحرب على المخدرات» التي أثبتت فشلها.

انعطافة يسارية

خلف المقاتل السابق البالغ 62 عاماً، إيفان دوكي (2018 2022) الذي تدنت شعبيته، لولاية من أربع سنوات يبدأها بدعم الأغلبية اليسارية في البرلمان. وبذلك باتت كولومبيا التي لطالما حكمتها نخبة محافظة، على نهج مشترك مع دول أخرى في أمريكا اللاتينية تسجل فيها انعطافة يسارية.

واقترح الرئيس الجديد على الجماعات المسلحة التي لا تزال ناشطة في كولومبيا «محفزات قانونية» في حال توقيعها اتفاقية سلام بقوله: «ندعوا كل الجماعات المسلحة إلى ترك السلاح في غياهب الماضي والقبول بمحفزات قانونية في مقابل السلام والوقف النهائي للعنف». ومع أن اتفاق السلام مع القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) في عام 2016 سمح بخفض العنف، لم تتمكن كولومبيا بعد من وضع حد نهائي للنزاع الداخلي الوحيد الذي لا يزال مستمراً في القارة. وإلى جانب جيش التحرير الوطني، لا تزال عصابات قوية للاتجار بالمخدرات مثل «كلان ديل غولفو» بقيادة أوتونييل الذي سُلّم هذه السنة إلى الولايات المتحدة، تعيث فساداً في مناطق عدة من البلاد. ويتحدى منشقون عن ميليشيات فارك، الدولة، بفضل الموارد التي يحصلون عليها من استغلال المناجم بطريقة غير قانونية ومن الاتجار بالمخدرات خصوصاً. وعلى هذا الصعيد، اقترح بيترو إعادة النظر في سياسة القضاء على هذه المزروعات التي أثبتت فشلها، بالتعاون مع الولايات المتحدة المستهلك الرئيسي لهذه المخدرات المشتقة من أوراق الكوكا.

وقف الاستهلاك

ورأى كذلك أن «الوقت حان للتوصل إلى اتفاقية دولية جديدة تقر بأن الحرب على المخدرات فشلت»، لتعتمد مكانها «سياسة قوية لوقف الاستهلاك» في الدول المتطورة. ورأى أنه خلال أربعين عاماً من مكافحة المخدرات «قتل مليون أمريكي لاتيني»، بينما يقضي 70 ألف أمريكي شمالي «سنوياً جراء جرعات زائدة». وتعتبر كولومبيا المنتج الأول للكوكايين في العالم، بينما تعد الولايات المتحدة زبونها الرئيسي. وشدد بيترو على أن «الحرب على المخدرات عززت المافيات وأضعفت الدول». وأقسم بيترو الذي غادر صفوف المتمردين قبل ثلاثة عقود، اليمين في ساحة بوليفار في بوغوتا أمام عدد كبير من المدعوين الأجانب وحشود محلية كبيرة. وقالت لجنة تحضيرية شكلها بيترو، الاثنين، إنه ورث البلاد وهي تعاني «مستوى مرتفعاً جداً من المديونية والعجز المالي». ونزل آلاف الكولومبيين إلى الساحة الرئيسية في بوغوتا للاحتفال بتنصيب بيترو والاحتفاء بوعوده بالتغيير.

وقالت ألكسندرا روخاس: «نشعر بالامتنان الشديد لملايين الكولومبيين الذين آمنوا بالتغيير، وسنبدأ اليوم العمل معاً يداً بيد لتحقيق ذلك».

وقالت روث بيريس وهي تحمل العلم الكولومبي: «إنني سعيدة بتنصيب رئيسنا غوستافو بيترو، الفرحة لا تسعني، لقد حدث التغيير، لقد وصل التغيير».

سيمون بوليفار

وهنأه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في شريط مصور قائلاً: «أمد اليد إلى شعب كولومبيا والرئيس غوستافو بيترو لنعيد بناء أواصر الأخوة على أساس الاحترام والمحبة بين الشعبين». ولم يدع مادورو إلى حفل التنصيب الذي نظمته أجهزة الرئيس السابق. وكان هذا الأخير رفض نقل سيف بطل الاستقلال سيمون بوليفار الذي له رمزية كبيرة إلى الساحة، إلا أن بترو رفض إلقاء كلمته قبل إحضار السيف. وتولى زعيم المعارضة منذ عقدين مهامه مع نيته إدخال إصلاحات كثيرة تثير توقعات كبيرة لدى أنصاره منذ فوزه في 19 من حزيران/يونيو الماضي. وستحكم إلى جانبه المدافعة عن البيئة فرانسيا ماركيس (40 عاماً)، وهي أول نائبة رئيس كولومبية سوداء في بلد حكمته تاريخياً نخبة من الذكور البيض. ورأى الخبير خورخي ريتسريبو من مركز الموارد لتحليل النزاعات أن بيترو ينطلق من «موقع إيجابي مع أغلبية واسعة في البرلمان ويتمتع على مستوى الشارع بدعم لم يسبق لأي حكومة أن حصلت عليه في السنوات الأخيرة».

تمويل الإصلاحات

وشكل غوستافو بيترو حكومة متنوعة مع تولي نساء حقائب وزارية عدة، هدفها المضي قدماً في الإصلاحات التي ستبدأ مناقشتها الاثنين في البرلمان.

وفي إطار البحث عن مصادر تمويل لخطط الإصلاحات الاجتماعية طرحت مشاريع قوانين لزيادة الضرائب على الأغنياء وتحسين جبايتها وفرض رسوم على المشروبات المحلاة، لكن دانييل روخاس أحد منسقي لجنة الانتقال مع حكومة الرئيس السابق إيفان دوكي، قال إن «حجم المديونية والعجز في الميزانية يشكلان خطراً». وينوي بيترو على الرغم من ذلك، ردم الهوة بين الأغنياء والفقراء من خلال تحسين الوصول إلى القروض، وزيادة المساعدات مع التركيز على التعليم.

وعلى صعيد البيئة اقترح، الأحد، إنشاء صندوق دولي لحماية منطقة الأمازون التي تعاني قطع الأشجار، طارحاً فكرة خفض الدين الخارجي من خلال تمويل تحركات «لإنقاذ غاباتنا وإعادة تشجيرها». وبنى بيترو حملته خصوصاً على وعد بتسريع الانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة والحد من قطع أشجار الغابات في منطقة الأمازون التي يعد نظامها البيئي مهماً لامتصاص الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وبينما تعافى الاقتصاد الكولومبي من تداعيات جائحة كوفيد 19 وعاد لينمو، أصبحت التحديات أكثر صعوبة مع تسجيل تضخم نسبته 10,2% في تموز/يوليو، بمعدل سنوي، بينما تطال البطالة 11,7%، والفقر 39% من السكان.

على الصعيد العالمي يريد بيترو إحياء العلاقات الدبلوماسية والتجارية المتوقفة منذ 2019 مع الجارة فنزويلا، والبحث عن دعم لاستئناف مفاوضات السلام مع جيش التحرير الوطني، آخر ميليشيات البلاد. (أ ف ب)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"