مواجهة انحسار الثقة

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين

تغيرت نظرة الجماهير لما يحدث حولها في العالم، وبالتالي اختلفت طريقة قياسها لمعيار الثقة بما تراه وتسمعه كل يوم. حسب مؤشر إيدلمان للثقة 2022 الذي تناول أكثر من 38 ألف مشاركة في 28 دولة، يرى نصف المشاركين بأن الحكومات ووسائل الإعلام هي أكثر ما يسبب الشقاق في المجتمعات، وأن القطاع الخاص لا يتحمل مسؤولياته تجاه قضايا مثل إعادة تأهيل قوى العمل، العدالة الاقتصادية والتغير المناخي.
فما هي أسباب انحسار الثقة؟ وكيف يمكن استعادتها؟ فبعد أعوام من الاضطرابات الممتدة على صعد صحية واقتصادية وسياسية، يؤكد مقياس إيدلمان أن الجمهور لم يعد ينظر إلى عنصري الثقة والمصداقية بنفس الطريقة، كما أن هناك حراكاً مختلفاً يتعلق بخيارات الأفراد في الاستهلاك والعمل، فمثلاً يشير المؤشر إلى أن 58% من المشاركين يختارون العلامات التجارية حسب قيمها، و 60% يختارون أماكن العمل حسب نفس المعيار، بينما يتخذ 80% قرارات الاستثمار في الأعمال حسب ما يؤمنون به ويثقون فيه من قيم ومعايير أخلاقية.
هناك انحسار في مستوى الثقة بشكل عالمي بسبب التحديات التي يواجهها العالم والتي تعززها أربع قوى متشابكة هي: تغير المناخ، الأوبئة، العنصرية والتوترات السياسية بين بعض الأقطاب، وتقابل ذلك حالة من الارتياب تمارسها الحكومات، وحالة أخرى من التأرجح يعيشها الإعلام بسبب البحث عن منافع قصيرة المدى تتمثل في كسب المزيد من التأييد والأصوات ونقرات الإعجاب، ما سحب موثوقية المصادر التي يؤمن الجمهور بها والتي تحولت من المؤسسات إلى الأفراد أنفسهم من القادة أو صناع المحتوى.
إن بصيص الأمل بدأ يتشكل في بيئة ريادة الأعمال القائمة على مبادئ وقيم أكثر وضوحاً، والقادة الفكريين وليس «المؤثرين التجاريين» القادرين على التعامل مع تحديات «انعدام الثقة» بصرامة ووضوح أكبر، من خلال رؤى تساهم في حماية جودة المعلومات، وضمان وصولها إلى المجتمع بطريقة صحيحة ومتوازنة، ما يفسح المجال أمام ملء الفراغ الذي خلفته وسائل الإعلام والمؤسسات الأخرى.
وفي عالم نتجه فيه جميعاً للبحث عن المعنى في ممارساتنا اليومية، نتطلع للتحول إلى شركاء في المسؤولية مع المؤسسات المختلفة، التي نريد منها أن تتبنى قضايا مجتمعاتنا، وتتخذ إجراءات هادفة للتعامل مع التحديات، وتقود بالحقائق وتتصرف بتعاطف، وتقدم محتوى جديراً بالثقة وغير متحيز، وتعمل على إيجاد هدف مشترك تعمل من خلاله مع الحكومات والإعلام، دفاعاً عن حقنا في استعادة الثقة بالأنظمة المختلفة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26wh4xee

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"