عادي

علم الجمال يدمج الشعر بالفلسفة

00:38 صباحا
قراءة 3 دقائق

القاهرة: الخليج

«علم الجمال» هو علم الأحكام التقويمية، التي تميز بين الجميل والقبيح، وهذا هو التعريف الكلاسيكي.

يوضح الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه «فلسفة الجمال والفن عند هيجل» أن أول من دعا إلى إيجاد هذا العلم هو باومجارتن (1714– 1762)، وذلك في كتاب «تأملات فلسفية في موضوعات تتعلق بالشعر، وقد قصد باومجارتن إلى ربط تقويم الفنون بالمعرفة الحسية، وهي معرفة وسط بين الإحساس المحض (وهو غامض مختلط) وبين المعرفة الكاملة، من حيث أنه يهتم بالأشكال الفنية أكثر من الاهتمام بمضمونها.

وألقى باومجارتن أول محاضرة له في علم الجمال، في جامعة فرانكفورت في شرقي ألمانيا سنة 1724 ضمن محاضرات في تاريخ الفلسفة، وفي سنة 1748 أصدر ماير الجزء الأول من كتابه«الأساس الأول لكل العلوم الجميلة» وبإصداره الجزأين الثاني والثالث أسهم في نشر هذا العلم الجديد وتنميته.

ومنذ ذلك التاريخ صار علم الجمال من الكلمات التي جرت على الألسنة، وبدعاً من البدع الشائعة، حتى أن الشاعر جان بول قال سنة 1804 إن «زماننا لا يعج بشيء بقدر ما يعج بعلم الجمال»، واعتبر قيام هذا العلم «حادثاً ذا أهمية تاريخية شاملة في ارتباطه بالتطورات الهائلة في داخل الوعي الذاتي الأوروبي بعامة».

جعل باومجارتن مهمة علم الجمال، بوصفه علماً فلسفياً، التوفيق بين ميدان الشعر الحسي، وميدان الفكر العقلي، وبالتالي التوفيق بين حقيقة الشعر والفن من ناحية، وحقيقة الفلسفة من ناحية أخرى.

هناك تعريفات أخرى لعلم الجمال، فهو«نظرية المعرفة الحسية بما هو جميل» وأنه«علم قواعد كمال المعرفة الحسية» وأنه «نظرية المعرفة الحسية لما هو جميل»و«أن الفنون هي عرض الكمال الحسي» وهناك من يقول إنه«علم فن الشعور» وكان كتاب فنكلمن (1717– 1768)«تاريخ فن القدماء» نقطة تحول في مفهوم علم الجمال، فلم يعد الأمر محصوراً في وضع نظريات، تتعلق بالشعور والإحساس بالجمال، بل تركز الاهتمام في تأمل الآثار الفنية نفسها، وعلى آثار الفن اليوناني.

من هنا قال هيجل عن فنكلمن إنه»أحدث معنى جديداً في تأمل الفن، واهتم بدور كبير في البحث عن صورة الفن في الأعمال الفنية، وفي تاريخ الفن، وكان من نتائج تلك النزعة التوسع في النظرة إلى الفنون، فلم يعد النظر مقصوراً على اليونان والرومان وأوروبا بعامة، بل امتدت إلى الهنود والمصريين والصينيين، وقال شلنج إن الجانب التاريخي في علم الجمال عنصر جوهري، وصعب في بناء فلسفة الفن.

لكن إذا كان باومجارتن هو أول من وضع لهذا العلم اسماً، وأفرده علماً فلسفياً قائماً برأسه، فإن موضوع هذا العلم، وهو الجميل والجمال، كان مطروقاً منذ أفلاطون، الذي وقف من الفن موقفين متعارضين، فعنده أن الفن سحر، لكنه سحر يحرر من كل سطحية، وهو جنون وهذيان، لكنه بهذا ينقلنا إلى عالم آخر، هو ميدان المرئيات، وهو المثل الأعلى الذي ينبغي على الفن أن يقترب منه.

من هنا جاءت فكرة المحاكاة، وتلاه أرسطو فنقض آراء أستاذه أفلاطون، إذ أشاد بالمحاكاة وقرر أن الفن يحاكي الطبيعة، كما تتجلى وتظهر، لكن وفقاً لمعيار كلي عقلي، وهو يرى في المحاكاة وسيلة للتطهر من الانفعالات الضارة.

كان كتاب «نقد ملكة الحكم» لإيمانويل كنت، الذي صدر عام 1790 دعامة قوية في بناء علم الجمال، وقد بدأ بأن قرر أن ليس من الممكن وضع قاعدة بموجبها يستطيع المرء أن يتعرف جمال شيء ما، ولهذا فإن الحكم على الجمال حكم ذاتي، وهو يتغير من شخص إلى آخر، ولهذا فإنه يختلف عن الحكم المنطقي القائم على التصورات العقلية، وهو لهذا ثابت لا يتغير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8xm4bu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"