عادي

الواسع جلَّ جلاله

21:50 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

يضيق صدر الإنسان وهو يفكر بمعاصيه، ويزداد هذا الشعور حينما يثبطه الشيطان عن التوجه إلى طريق التوبة، فيوسوس له أن الله لن يقبل منه أي عمل صالح، ما دام أنه أقام على الذنب زمناً طويلاً، لكن على المسلم ألا ينسى أن الله من أسمائه الحسنى، الواسع، هذا الاسم لو عقل معناه العاصي لبادر إلى التوبة دون تردد، ولو فهم المسرف على نفسه معناه، لما ظلت تلك حاله، فما معنى اسم الله الواسع؟

بداية الواسع هو على وزن فاعل فهو مريد لما يفعل، وفعّال لما يريد، لا حدود لسلطانه، ولا حد لإحسانه، علمه مطلق غير محدود، وكذا سائر صفاته، سبحانه وتعالى، هذا الاسم يبث في قلب العبد المؤمن هدوءاً وسعادة، وينبه غيره إلى ضرورة العودة إلى منهج الله، فإن أسرف العبد على نفسه وظن أن باب التوبة أغلق دونه، جاءه الخطاب الإلهي ﴿إن ربك واسع المغفرة﴾ النجم: 32، وإن حسب العبد أن رحمة الله لن تسعه، لتقصيره، ناداه ﴿ورحمتي وسعت كل شيء﴾ الأعراف: 156، وفي المقابل لو اعتقد العاصي أنه سيفلت من عقاب الله، جاءه التنبيه الإلهي أن الله قد أحاط بكل شيء، وأن لا ملجأ من الله إلا إليه فهو، سبحانه، واسع الملك لا يتحرك شيء في الكون إلا بأمره، وقد أحاط بكل شيء علماً ﴿وسع كرسيه السماوات والأرض﴾ البقرة: 255.

الله واسع في علمه فعلمه مطلق لا تحده حدود، فما من دابة في الأرض ولا طائر إلا قد أحاط به علماً، لا يخفى عليه ما يسره العبد وما يظهره ؛ لذا ما يكسبه العبد من حسنات وما يجترحه من سيئات هي في علمه ومطلع عليها، فيثيب على الإحسان، ويرشد العبد، ليتوب عن الإساءة والعصيان، والله، تعالى، واسع في عطائه، فالدنيا بما فيها وبمن فيها لا تعدل عنده جناح بعوضة، يحث عباده على الإنفاق، ابتغاء مرضاته، وألا يستمعوا إلى وسوسة الشيطان (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَوَيَأْمُرُكُم ْبِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم ْمَغْفِرَةً مِنْه ُوَفَضْلًاوَاللَّهُ وَاسِع ٌعَلِيمٌ) البقرة: 268

إن تقّرب العبد إليه شبراً، تقرب إليه خالقه ذراعاً، وإن أنفق العبد جزءاً أكرمه أضعافاً مضاعفة (مَثَل ُالَّذِين َيُنْفِقُون َأَمْوَالَهُم ْفِي سَبِيل ِاللَّهِ كَمَثَل ِحَبَّةٍ أَنْبَتَت ْسَبْعَ سَنَابِل َفِي كُلِ ّسُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن ْيَشَاءُ وَاللَّه ُوَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة: 261.

اسم الله الواسع يعلمنا أن نبتغي بعملنا وجه الله، تعالى، وأن نرغب بالثواب منه وحده، فما عملنا من عمل إن خفي على الناس، فإنه لا يخفى على رب الناس، وسيكرمنا في الدنيا والآخرة جزاء ما قدمنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4zc5xjbs

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"