عادي

درسان كرويان في مباراة الأرجنتين وهولندا

15:25 مساء
قراءة 3 دقائق
بغداد: زيدان الربيعي
قدم المنتخب الهولندي درساً كروياً عظيماً في لعبة كرة القدم، بعد أن تمكن من تحويل تأخره بهدفين دون مقابل أمام منتخب الأرجنتين إلى تعادل 2-2 في الثواني الأخيرة من الوقت بدل الضائع، ليجبر ميسي ورفاقه على خوض وقت إضافي لغرض حسم المباراة التي انتهت في النهاية لصالح منتخب الأرجنتين عبر ركلات الترجيح.
الدرس الهولندي تمثل بروح الإصرار والتحدي وعدم اليأس أو الاستسلام لنتيجة المباراة، فبعد أن تقدم المنتخب الأرجنتيني بهدفين دون مقابل ولم يتبق من المباراة سوى وقت قليل،وهكذا نتيجة تكون محبطة جداً على لاعبي المنتخب الهولندي،لأن عملية العودة إلى المباراة تحتاج إلى اندفاع جميع لاعبيه إلى ساحة المنتخب الأرجنتيني،وهذا الاندفاع بوجود أفضل لاعب في العالم الأسطورة المذهلة ليونيل ميسي،فيه مخاطر كبيرة جداً، لذلك اختار الهولنديون طريقة الهجوم المنظم، إذ اندفعوا إلى الأمام ولكنهم لم يتركوا فراغات في ساحتهم يمكن أن تؤدي إلى تسجيل هدف ثالث ينهي كل أحلامهم وطموحاتهم في تقليص النتيجة أو تعديلها، وهذا الأسلوب، يمثل الأسلوب الأمثل في لعبة كرة القدم الحديثة، لأن بعض المدربين في المباريات التي تحتاج إلى الحسم لا يهتم إلى عدد الأهداف التي تسجل في مرماه ما دام أن النتيجة ستجعله خارج البطولة، لذلك يطلبون من لاعبيهم الاندفاع بكل قوة من أجل تحقيق الفوز أو إدراك التعادل، فعندما تمكن المنتخب الهولندي من تقليص النتيجة بهدف جميل من ضربة رأس سددها اللاعب البديل فيجورست، زاد المنتخب الهولندي من ضغطه على المرمى الأرجنتيني وهذا أمر طبيعي، لكن هذا الضغط لم يكن عشوائياً أو فوضوياً، بل كان يأتي بطريقة منظمة جداً وعبر هجمات منسقة من خلال إرسال الكرات الطويلة نحو منطقة جزاء المنتخب الأرجنتيني ومقترباتها، وقد نجح المنتخب الهولندي في الحصول على ركلة حرة مباشرة على خط منطقة الجزاء، وتنفيذ هذه الركلة مثل درساً جديداً في لعبة كرة القدم، إذا وقف ثلاثة من لاعبي المنتخب الهولندي كحائط صد منفرد أمام المرمى الأرجنتيني، وكنت أتوقع أن اللاعب الذي سينفذ الكرة سيرسلها بقوة هائلة جداً باتجاه اللاعبين الثلاثة الذين سيقومون بالانحناء أمام الكرة أو الهروب بسرعة فائقة إلى اليمين والشمال حتى تتوجه الكرة نحو المرمى، إلا أن كل ذلك لم يحصل، بل الذي حصل تمثل بأسلوب جديد عندما قام اللاعب الذي سدد الكرة بتمريرها بشكل بطيء جداً إلى زملائه الثلاثة، لينجح من خلالها اللاعب فيجورست من إدراك التعادل في الثواني الأخيرة من المباراة.
أي فريق في العالم عندما يكون متأخراً بهدفين ويعود إلى المباراة، ولاسيما إذا جاء هدف التعادل في الرمق الأخير من المباراة، فأن معنويات لاعبيه ترتفع ويكون الفوز قريب جداً منه، حيث كان يفترض على المنتخب الهولندي استثمار هذه الميزة، لكن الذي حدث، وهو درس آخر في لعبة كرة القدم أن المنتخب الأرجنتيني انتفض بقوة وحاصر المنتخب الهولندي في ساحته لاسيما في الشوط الإضافي الثاني، وكاد أن يحسم المباراة لصالحه في الدقائق الأخيرة بعد أن قدّم ميسي صورة رائعة جداً من الإصرار والتحدي على عدم مغادرة المونديال، وهذا التفوق الأرجنتيني لم يأتِ عن طريق الفوضى وترك المساحات، بل جاء منتظماً بشكل لا يوصف، بحيث وجدنا أن المنتخب الأرجنتيني وكأنه دخل توّاً إلى الملعب، وهو يحمل طموح الفوز الذي تحقق أخيراً عبر ركلات الجزاء الترجيحية.
ما قدمته مباراة منتخبي الأرجنتين وهولندا من دروس كروية جديدة يحتاج إلى متابعة من قبل كل مدرب يسعى إلى التطور في عمله، وقد جاءه هذا التطور من خلال أكثر ساعتين متواصلتين من ملحمة كروية سيبقى التاريخ يخلدها.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ybfhxfsu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"