عادي

البرازيل.. متعة كروية من دون إنجاز

01:02 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

بغداد: زيدان الربيعي

بعد العرض البرازيلي الممتع جداً أمام منتخب كوريا الجنوبية والذي انتهى بأربعة أهداف كانت قابلة للزيادة مقابل هدف واحد، أيقن غالبية متابعي مونديال قطر أن نسخة كأس العالم هذه المرة ستمكث لمدة أربع سنوات في البرازيل، وهذا التيقن لم تكن فيه مبالغة كبيرة أو محاباة لراقصي السامبا، بل جاء من تكامل صفوف المنتخب البرازيلي وقدراته الهائلة في تسيير المباراة بالطريقة التي يراها مناسبة.

قبل مباراة البرازيل وكرواتيا، كانت الغالبية العظمى من متابعي المونديال تخشى على المنتخب الكرواتي من التعرض إلى هزيمة ثقيلة،لأن المنتخب البرازيلي واستناداً على ما قدمه من فنون كروية رائعة في مبارياته السابقة،وكذلك استناداً على نتائج منتخب كرواتيا في المونديال الحالي،إذ لم يتمكن سوى تحقيق فوز واحد،فأن غالبية التوقعات كانت تصب في صالح المنتخب البرازيلي،إلا أن لعبة كرة القدم في بعض الأحيان لا تخضع للتوقعات ولا حتى إلى المنطق ولا للحيازة المطلقة على الكرة، لأن هذه اللعبة تحسم بالأهداف،فمن يتمكن من التسجيل سيجد نفسه في النهاية فائزاً.

المنتخب البرازيلي قام بتعقيد المهمة على نفسه عندما لم يتمكن في الشوط الأول من التسجيل، وفي الشوط الثاني وجد المنتخب الكرواتي أنه يمتلك المقومات التي تجعله يجاري راقصي السامبا، بل وحتى التفوق عليه، لذلك تحسن مستواه وزادت طموحاته،وحتى بعد أن تلقى هدفاً في الوقت الإضافي لم يستسلم أو يشعر بأن المباراة ضاعت من بين يديه، على عكس الكثير من لاعبي المنتخب البرازيلي الذين شعروا بالاسترخاء وكأنهم ضمنوا النتيجة،وما أن تمكن المنتخب الكرواتي من معادلة النتيجة عبر تسديدة رائعة جداً،حتى باتت مهمة المنتخب البرازيلي صعبة ومعقدة،لأن الحالة النفسية للاعبيه تراجعت كثيراً،بينما ارتفعت عند لاعبي المنتخب المنافس،وهذا ما أثبتته ركلات الجزاء الترجيحية التي حسمت المباراة لصالح المنتخب الكرواتي الذي تأهل إلى دور الأربعة،بينما غادر المنتخب البرازيلي مونديال قطر باكياً، وأبكى معه الملايين من محبيه وعشاقه.

كانت ليلة حزينة جداً على لاعبي المنتخب البرازيلي وأيضاً على عشاقهم،وكان بإمكانهم تجاوز هذا الحزن لو تعامل اللاعبون ومدربهم تيتي بواقعية كبيرة مع المباراة، بدلاً من دخولها وكأن تواجدهم في دور الأربعة،بل وحتى الفوز بكأس العالم لا يحتاج إلا لمرور الوقت، فالثقة الزائدة بالنفس تأتي في بعض الأحيان بنتائج كارثية،وما تعرض له المنتخب البرازيلي الذي يضم مجموعة رائعة جداً من اللاعبين الشباب وأيضاً من بعض لاعبي الخبرة وفي مقدمتهم نيمار من صدمة الخروج من المونديال، يحتاج إلى وقت طويل حتى يتم تجاوزه.

هناك الكثير من الدروس الكروية المهمة التي قدّمتها مباراة منتخبي البرازيل وكرواتيا، وفي مقدمها أن المتعة الكروية والاستعراض وكثرة الحيازة على الكرة داخل الميدان من دون النجاح في تسجيل الأهداف باتت تعد من الأمور السلبية، فما فائدة الحيازة والمتعة والفنون الكروية والاستعراض والمهارات العالية، وفي النهاية تخرج خاسراً وتبكي أنت وأنصارك؟ كذلك أثبتت المباراة أن قائد المنتخب الكرواتي لوكا مودرش من اللاعبين العالميين الكبار الذي يستطيع تجاوز التحديات والصعوبات الكبيرة، كما يستطيع منح الثقة إلى زملائه داخل الميدان لمجابهة أقوى المنتخبات وأبرز اللاعبين، وكان وجوده وسط الملعب، هو الذي منح المنتخب الكرواتي دفعة قوية للعودة إلى المباراة ومعادلة النتيجة ومن ثم الفوز والتأهل.

خروج المنتخب البرازيلي من مونديال قطر لم يكن متوقعاً، لكنه حدث وبات واقعاً، وبالتالي على الجميع الإقرار أن كرة القدم لا توقع مضمون فيها، حتى لو صدر من أبرز اللاعبين والمدربين والمحللين والأكاديميين، لأنها لعبة خاضعة لكل التوقعات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jbahh48

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"