عادي
أوراق قضائية

طلق صناعي ومولودة عاجزة

22:53 مساء
قراءة 3 دقائق

أبوظبي: آية الديب

على الرغم من أن قسم الولادة في أي مستشفى غالباً ما يكون قسم الأمل والنهايات السعيدة، بعد آلام مخاض تشهدها الأمهات، فإنه في بعض الحالات القليلة لا يكون كذلك، وليس كل امرأة تدخل إلى غرفة الولادة تخرج منها محتضنة طفلاً سليماً معافى.

زهرة، امرأة لم تكتمل فرحتها بتجربة أول أمومة لها، فعلى الرغم من أن شهور حملها التسع مرت بأمان، وكلما كانت تراجع طبيبتها كانت تؤكد لها أن طفلتها بصحة جيدة وتنمو بصورة طبيعية في رحمها، فإنها عادت بعد الولادة إلى منزلها مكسورة الخاطر، مثقلاً كاهلها بأعباء ستتحملها هي وطفلتها.

فبعد أن ظهرت على زهرة آلام المخاض، وبناء على توجيهات الطبيبة توجهت بسرعة إلى المستشفى برفقة زوجها لتتلقى الرعاية اللازمة لها، وحضرت طبيبتها معها، وأعطتها الطبيبة طلقاً صناعياً لمساعدتها على إتمام المخاض.

استمرت زهرة في الطلق الصناعي 10 ساعات، وتعسرت الولادة وارتفعت حرارة جسمها، وتبرز الجنين في رحمها، وحينها لم تلجأ الطبيبة للولادة القيصرية، وقررت استخدام آلة الشفط لجذب الجنين إلى خارج رحم زهرة.

لم ينجح شفط الجنين من أول مرة، فكررت الطبيبة عملية الشفط إلى أن خرج الجنين من رحم الأم، وعلى الرغم من عناء الطلق والولادة، فإن زهرة كأي أم كانت تشعر حينما احتضنت طفلتها وكأنها حققت كل أحلامها، إلا أنه سرعان ما اختطف طاقم العناية المشددة المولودة بعد خروجها من رحم زهرة ولم تتمكن من رؤيتها.

ومع زيارة طبيب الأطفال للرضيعة، اكتشفت زهرة وزوجها أن طفلتهما ستعاني نتيجة إصابات تخلفت لديها نتيجة عسر الولادة.

ومع البحث الطبي، اكتشف الزوجان أن ابنتهما تخلفت لديها إصابات ستقعدها مدى الحياة، وعادا إلى منزلهما الذي لم يكن دافئاً بأصدق معاني الأمومة، بقدر ما كان بارداً بأقسى خيبات الأمل. وشعرت زهرة بأنه كان أهون عليها لو كانت عادت لمنزلها خاوية من الأمومة.

وبعد مدة من العناء النفسي، قررت زهرة رفع دعوى على الطبيبة والمستشفى الذي خضعت للولادة فيه وشركة تأمين، وبعد خضوع الطفلة للجنة طبية، تأكدت أن الرضيعة تعرضت لعجز وعاهات مستديمة، هي فقدان منافع الدماغ، والنطق والمضغ والبلع والتبول والتغوط بنسبة 100 % لكل منفعة منها، فضلاً عن تأثر القدرة على السمع بنسبة عجز 80 %.

ولم تقتصر إصابات المولودة على ذلك فحسب؛ بل ولدت كذلك تعاني شللاً تاماً بالطرفين العلويين والسفليين بنسبة 100 %، فضلاً عن تعرضها لنزف في الدماغ، ونقص في الأكسجين، وكسر في الترقوة والتهاب في الدم.

وقضت المحكمة الابتدائية والاستئنافية، بتعويض المولودة وأداء الدية لها عن فقد منافع جسدها. كما قضت بإلزام الطبيبة بأن تؤدي لزهرة 180 ألف درهم تعويضاً، فطعنت زهرة والطبيبة على الحكم بطريق النقض، ورفضت محكمة النقض.

وأشارت المحكمة إلى أن المولودة أضحت مقعدة عاجزة عن الحركة تماماً، وتعتمد على الآخرين بشكل كامل، وتحتاج إلى رعاية وتجهيزات طبية معينة، فضلاً عن الأضرار الأدبية التي لحقت بها، وتمثلت في الآلام التي عانتها أثناء الولادة، وعمليات الشفط التي تعرضت لها وفقدها مباهج الحياة.

وأكدت المحكمة أن زهرة لحقت بها أضرار نتيجة عملية الطلق الصناعي وعسر الولادة لعشر ساعات، وارتفاع حرارة جسمها وتبرز الجنين في رحمها، وأنها عانت آلاماً جسدية مبرّحة جراء الخطأ الطبي، فضلاً عمّا لحق بها من ضرر نفسي نتيجة ما لحق بها وبمولودتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4tud5nb2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"