بعد العيد

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

تشي المقدمات والخطى الهادئة في إيقاعها والتحركات الدبلوماسية والسياسية، بأن المنطقة قريبة من خبز كعكها الخاص، وإن كان بعد العيد، على غير ما استقر عليه المثل الشهير، وهذه المرة بمذاق سوري خاص.

وما بعد العيد قمة عربية في مايو/ أيار، تحتضنها المملكة العربية السعودية، وربما يسبقها لقاء بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي، والسوري بشار الأسد.

والمؤكد أن خطوات أخرى ستتوالى قبل موعدَي اللقاء والقمة، وتنجح جهود جديدة في أن تبني على ما سبقها، وصولاً إلى ملامح مكتملة ل«ربيع عربي» حقيقي تعود فيه الخرائط إلى ما قبل الفتن، والعلاقات إلى ما سبق الانقسام، ليتفرغ الكل لمداواة جراح أكبر صنعتها الفتن ودعوات التفتيت، جراح لحقت بالنفوس، ما بقي منها في موطنه، وما هاجر، والتعالي عليها قد يستلزم جهداً أكبر من الذي يتطلبه بناء ما تهدم من معالم ومبانٍ.

فيما سبق من جهود على هذا الصعيد، وفيما ينتظره العرب والعالم من تطورات في الملف السوري تحديداً، يحضر سعي الإمارات المخلص الذي وعى متغيرات تتوالى، وأدرك مبكراً الحاجة إلى لملمة ما انفرط عربياً، لمواجهة ما يتحول، إقليمياً وعالمياً.

واجهت الإمارات، ككل صاحب مبادرة مخلصة، شكوكاً ومحاولات عرقلة دورها الذي اخترق جدران التشظي وتعددت تحركاته، لتقنع الأطراف المعنية بالجرح، وتصفّد الشياطين التي تتغذى على الدم العربي.

وها هو رمضان المبارك يهلّ، في غياب الشياطين، بنسائم سياسية خاصة تتعانق فيها الجبهتان المصرية والسورية، مقدمة لوصل ما انقطع، وتبشّر المصادر بعزم السعودية دعوة بشار الأسد إلى قمة الرياض، بعد تقارب دبلوماسي إجرائي يتعلق بالسفارات والقنصليات، ما يعني عودة دمشق إلى محيطها الطبيعي، وليس ذلك بالطبع آخر المبتغى، بل خطوة إلى مراجعات وتقييمات، داخلية وخارجية، أكثر تعقيداً، لعل الكل يتحسب لها من الآن.

سيحفظ التاريخ ما فعلت الإمارات، وتفعل، في هذا الملف مدفوعة، كالعادة، بالرغبة في توحيد المواقف العربية الكبرى (لا مانع من هوامش اختلاف في التفاصيل)، للتسلح بها في مواجهة التفاعلات، الإقليمية والدولية.

ولعل ما شهده الإقليم من تطورات في علاقات أطرافه، استجابة لما يتغير في العالم، يعني أن الإمارات قبضت على لحظة مواتية لمراجعة شاملة، فكثفت ما بدأته من جهد، واستجابت لها الأطراف الفاعلة، فتسارعت الخطوات واتسعت ميادين العمل العربي المتصف بالإيجابية والسرعة بالإنجاز، في آن.

بعد العيد، تلتئم القمة العربية في المملكة العربية السعودية، وتسترد سوريا مقعدها المعلق في الجامعة العربية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2011.

صحيح أن ما جرى بين الإجراءين: التعليق والعودة، لن يفقد آثاره العميقة في الجسد العربي وواقع الإقليم، لكن التباطؤ في اقتحام الملف بجرأة كان ينذر بتفاقم العواقب، ويضيّع فرصة سنحت للبدء بتطهير الجرح، والأهم مداواة تبعاته الصعبة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2z95uswp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"