دبي: ملحم الزبيدي
عندما نذكر «المدينة المستدامة» في دبي فإن أول ما يتبادر إلى الذهن نجاح فكرة المشروع، ليس فقط من قبيل تحويل حلم طالما راود الكثيرين إلى واقع، وإنما قدرة المطورين على ترجمة أرقى معايير الاستدامة، والحفاظ على البيئة، وتوفير الطاقة النظيفة المتجددة إلى واقع معيش، وإطلاق العديد من المبادرات الاجتماعية، والبيئية، والاقتصادية.
إن «المدينة المستدامة» في دبي، التي تعد الأولى من نوعها على مستوى منطقة الشرق الأوسط، تأتي متناغمة مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2023 عام الاستدامة، ورؤية باني نهضة دبي الحديثة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله.
بعد مرور أكثر من 7 سنوات على اكتمال أعمال بناء المدينة المستدامة تقف «دايموند ديفلوبرز»، ذراع التطوير العقاري التابعة لمجموعة «سي القابضة»، على تطوير وتنفيذ 3 مدن أخرى، فبعد الإعلان عن إنجاز المرحلة الأولى في مدينة الشارقة المستدامة وتسليمها للسكان والانتقال إلى المرحلة الثانية جاء الإعلان عن المدينة المستدامة – يتي في سلطنة عمان، وإطلاق المدينة المستدامة – جزيرة ياس في أبوظبي ليرتفع العدد إلى 4 مدن مستدامة باستثمارات إجمالية تجاوزت 8.6 مليارات درهم.
3 عناصر أساسية
قال المهندس فارس السعيد، رئيس مجلس إدارة مجموعة «سي القابضة»: «تعد المدينة المستدامة تطبيقاً عملياً للاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وهي تجسيد للمعنى الحقيقي للمعيشة المستدامة من خلال مشاركة الأطراف ذات الصلة، والاعتماد على التصميم المبتكر، والرصد المستقبلي لتحافظ على استدامتها». وأضاف: «نقدّم في مشاريعنا نموذجاً حياً لمفهوم الاستدامة، الذي نجحت المدينة المستدامة في تطبيقه لأول مرة على مستوى المنطقة في دبي، وكان أول مجتمع يجسد تغييراً جذرياً في مفهوم بناء مدن المستقبل الذكية والمستدامة».
وأضاف: «نسعى في المدينة المستدامة إلى توظيف أحدث الحلول في إنتاج الطاقة، وإعادة التدوير، وإنتاج الماء من الهواء، والزراعة الأفقية والعمودية، والنقل الذاتي القيادة، وغيرها، والوصول إلى هدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2040 في مشاريعنا المستقبلية، بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة عالمياً، كما نتطلع إلى المضي قدماً في دعم جهود دولة الإمارات للحفاظ على البيئة وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة، وأن نُسهم في الانتقال الفاعل نحو اقتصاد منخفض الكربون».
شراكات استراتيجية
قال رئيس مجلس إدارة «سي القابضة»: «انطلاقاً من إيماننا الراسخ والتزامنا ببناء المزيد من مدن المستقبل وتعزيز انتشارها إقليمياً وعالمياً، فإنها في الوقت نفسه تقوم على عنصر وأساس حيوي وهو الشراكات الناجحة بين مؤسسات القطاعين العام والخاص».
وعلى صعيد الأهداف المستقبلية للمجموعة أشار سعيد إلى السعي لدخول أسواق جديدة على المستويين الإقليمي في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط والعالمي في كل من أوروبا، وأمريكا، وكندا، وأستراليا، وآسيا؛ إذ نتطلع لتطوير 99 مدينة حول العالم تعكس رغبتنا في الإسهام في تطوير بنية تحتية أكثر استدامة والمشاركة في التأسيس لمستقبل مزدهر ومستدام.
تطبيق حديث
تشكل المدينة المستدامة تطبيقاً حديثاً لمفهوم الاستدامة الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية في مجال البناء والإنشاءات. وباعتباره أول مشروع حديث تشكل المدينة المستدامة تطبيق تنمية تشغيلياً في مجال الأبنية الصفرية الطاقة بدبي، ويعرض هذا المشروع على المستوى الدولي ماهية العيش والعمل والتعليم والترفيه المستدام.
تقع المدينة المستدامة في دبي لاند، وتمتد على مساحة 460 هكتاراً، وتوفر مجموعة متكاملة من المرافق الاجتماعية والمزايا البيئية، وقد اكتملت في 2016. يتضمن المشروع 500 فيلا، ومسجداً، وروضة أطفال، ومرفقاً متعدد الاستخدام تبلغ مساحته 15 ألف متر مربع، ومزرعة، ومرافق عامة، ومضماراً لركوب الخيل والدراجات الهوائية بطول 4 كيلومترات، ومركزاً للفروسية، ومركزاً للتأهيل الشامل، ومدرسة دولية، إضافة إلى مركز للابتكار والإبداع.
سجلت نسبة الإشغال في المدينة 100% من خلال أكثر من 3000 مقيم. وسجلت أرقاماً قياسية في خفض انبعاثات الكربون من خلال 6928 طناً سنويا، وإعادة تدوير 100 طن من المياه والنفايات، وتوفير في فاتورة الكهرباء بأكثر من 50%.
مدينة الشارقة المستدامة
تعد «مدينة الشارقة المستدامة» أول مشروع يلبي أعلى معايير الاقتصاد الأخضر والاستدامة البيئية في الإمارة، وذلك من خلال شراكة استراتيجية بين هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» و«دايموند ديفيلوبرز»، الشركة المتخصصة في تطوير المشاريع البيئية المستدامة في الإمارات.
تبلغ تكلفة المشروع ملياري درهم، ويمتد على مساحة 7.2 ملايين قدم مربعة، ويضم 1252 فيلا متعددة المساحات بموقع استراتيجي. وتتيح التصميمات الذكية لفلل مدينة الشارقة المستدامة فرص توفير كبيرة للسكان في فواتير الخدمات تصل إلى 100% في فواتير الكهرباء و50% في فواتير المياه؛ إذ سيتم توفير طاقة المدينة بالكامل عبر الألواح الشمسية، وسيتم استخدام أنظمة ذكية لتوفير استهلاك المياه، وتقليل الانبعاثات الكربونية.
مجتمع فريد
أبرمت «الدار العقارية» اتفاقية شراكة مع «دايموند ديفيلوبرز» لتنفيذ مشروع «المدينة المستدامة – جزيرة ياس» التي ستشكل عند اكتمالها مجتمعاً فريداً ومستداماً بالكامل يلبي أعلى معايير الاستدامة البيئية والاقتصاد الأخضر. سيقام المشروع على مساحة 379 ألف متر مربع، وسيضم 864 وحدة سكنية، ومتاجر للتجزئة على مساحة 3000 متر مربع. تصل القيمة الإنشائية للمشروع إلى 1.8 مليار درهم.
وستقدّم الشركة من خلال هذا المشروع نموذجاً حياً لمفهوم الاستدامة؛ إذ ستعتمد «المدينة المستدامة – جزيرة ياس» على مصادر الطاقة المتجددة بالكامل؛ مما سيمكن المقيمين فيها من توفير 100% من فواتير الطاقة. وسيجمع التصميم بين المساحات الخضراء والمباني الصديقة للبيئة التي تمتاز بكفاءتها العالية في ترشيد الطاقة، وبين المرافق الهادفة إلى التركيز على رفاه السكان وسعادتهم.
تجربة خارجية
أعلنت «دايموند ديفيلوبرز» بالشراكة مع الشركة العُمانية للتنمية السياحية (مجموعة عُمران) عن إطلاق مشروع «المدينة المستدامة – يتي» في مسقط، بكلفة إجمالية تبلغ قرابة مليار دولار، وهو يمثل أول مشروع يلبي أعلى معايير الاستدامة والاقتصاد الأخضر على مساحة مليون متر مربع في سلطنة عُمان.
ومن المخطط أن ينتهي إنجاز المشروع بحلول عام 2025، وسيوفر 1657وحدة سكنية، تتضمن 300 فيلا صديقة للبيئة بتصميمات عصرية وعالية الكفاءة، كما يتيح فرص توفير كبيرة للسكان في فواتير التشغيل والخدمات. ستعتمد المدينة على مصادر الطاقة المتجددة بالكامل لتشغيل كل مرافقها؛ إذ تنتج 100% من طاقتها في المرحلة التشغيلية عبر الألواح الشمسية والغاز الحيوي، كما تعيد تدوير المياه والنفايات العضوية بنسبة 100%. وتعمل المدينة على تقليل انبعاثاتها الكربونية من خلال تطبيق أفضل الممارسات البيئية.
