عادي

مصير الأرض في المستقبل البعيد جداً

23:50 مساء
قراءة 4 دقائق
3

د. حميد مجول النعيمي *

لدينا عدد من الاحتمالات لمصير الأرض ونهايتها بعد ملايين أو ربما مليارات السنين:

1 - بما أن الأرض وكواكب المنظومة الشمسية مرتبطان بالشمس ويدوران حولها، فهل انفجار الشمس وتحولها الى عملاق أحمر بعد مليارات السنين ومن ثم إلى قزم أبيض وموتها (تحولها في النهاية الى قزم أسود) هو نهاية الأرض وكواكب المنظومة الشمسية؟ أي هل أن موت الشمس وانهيارها يؤدي الى انهيار النظام الشمسي بما في ذلك الأرض؟ أي هل هذه الظاهرة هي يوم القيامة؟

وفقاً للحسابات الفيزيائية الفلكية الفضائية، لم يتبق من عمر الشمس سوى خمسة مليارات سنة، حتى تنتهي دورة حياتها، بعد المدة أعلاه، تصبح الشمس نجماً عملاقاً ومادتها (بعد انفجارها) ستغطي الكواكب القريبة إلى مدار الأرض وبعد ذلك تموت وتتحول إلى قزم أبيض بحجم الكرة الأرضية، ومن ثم تتحول الى كرة صغيرة سوداء ميتة.

أي بعد مجموعة من العمليات الفيزيائية داخل مركز الشمس والتي تؤدي إلى انتهاء عمليات اندماج الهيدروجين و تحوله الى عناصر أخرى مثل الهيليوم، فالكربون والسيلكون والأكسجين...ثم إلى عناصر ثقيلة مثل الحديد (بعد مدة طويلة من الزمن تصل إلى آلاف الملايين من السنين) ثم تنفجر الشمس وتتحول إلى عملاق أحمر، في حين مركزها (اللب) ينكمش على نفسه (بسبب قوى الجاذبية للعناصر الثقيلة المتكونة في اللب بعد احتراق الهيليوم ) أي أن الشمس تتكور على نفسها «إذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ» التكوير 1. وتحصل هذه العمليات نفسها لجميع النجوم ( ينتهي الهيليوم في اللب و يتوقف الاندماج النووي لينفجر الغطاء الخارجي للنجم المؤلف من السحب الغازية والغبارية والدخان، «فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ» الدخان 10. إذاً، يبدأ الانهيار عندما ينفذ الهيدروجين الذي يندمج في قلب الشمس، وهذا يؤدي الى الإخلال في توازن القوى الخارجية الناتجة عن الاندماج النووي وقوى جذب الجاذبية إلى الداخل، وبدلاً من ذلك يتحرك النجم داخلياً نحو دمج الهيليوم مع العناصر الأثقل والأثقل.

وعند اندماج الهيليوم يمكن أن تتضخم الشمس الى أكثر من 400 ضعف الحجم، وتبرد الطبقات الخارجية وتتحول لتصبح عملاقاً أحمر، وبالتالي يمكن أن تبتلع الكوكبين عطارد والزهرة وربما القمر (أي إنه بعد انفجارها ستغطي الكواكب القريبة منها حتى مدار الأرض). وهنا يمكن أن تكون نهاية الأرض، اعتماداً على مدى قرب الأرض من الشمس التي يمكنها تحويل الأرض إلى صخرة محترقة هامدة، حيث تغلي المحيطات وتتبخر ويتم تجريد الغلاف الجوي منها. وأيضاً قد يتسبب الاحتكاك بين الطبقات الخارجية للأرض والشمس في إبطاء مدار الأرض، وبالتالي قد يؤدي هذا إلى تصاعد كوكبنا ببطء نحو الشمس لتدمره تدريجياً.

وحتى النجوم تمر بنفس المراحل اعتماداً على كتلتها، فبعضها يتحول الى قزم أبيض والبعض الآخر من نجوم الكتل الكبيرة تنفجر على شكل مستعرات عظمى وبعدها تتحول الى نجوم نيوترونية أو الى ثقوب سوداء (نجوم ميتة بقوى جاذبية عالية جداً حتى الضوء لا يمكن الخروج منها)،«وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ» التكوير 2

2 - كثير من العلماء يعتقدون بأن قوى الجذب على الأرض (المد والجزر) قد تتغير في المستقبل، ويعتقدون أيضاً أن الأرض ستتغير حركتها وطبيعتها خلال ملايين السنين وتدمر الحياة فيها (هل هي نهاية الأرض ومن فيها؟ لكن الاحتمالية موجودة (مهما تكن النتيجة فكلها بأمر الله تعالى)، أو بالإشارة إلى بعض الدراسات الجيوفيزيائية بأن نواة الأرض ستبرد وسيؤدي هذا إلى القضاء على المجال المغناطيسي للأرض ما سيترك المجال مفتوحاً للرياح الشمسية لتدخل غلاف الأرض وتقصف سطحها بالجسيمات الكهربائية المشحونة القادمة من الشمس وتقتل الكائنات الحية عليها.

3 - قد يكون اصطدام مجرتنا مع أقرب مجرة إلينا وهي مجرة المرأة المسلسلة التي تبعد عنا 2.5 مليون سنة ضوئية. إذ يتوقع العلماء أن مجرتنا ستصطدم في المستقبل البعيد مع مجرة المرأة المسلسلة (حيث تحتوي كل مجرة منها على ثقب أسود ومن جراء جاذبية هذين الثقبين قد تصطدم المجرتان لتكونان معاً ثقباً أسود واحداً ضخماً جداً، وبالتالي ستنتهي من جراء ذلك حياة منظومتنا الشمسية بما فيها الأرض).

4 - قد تكون نهاية الأرض والكواكب والمجرة والكون عند رجوع (عودة) الكون لما كما كان عليه سابقاً (يعود الكون لينكمش ويتكدس ويكون رتقاً من جديد). ونعلم فيزيائيا وفلكياً بأن الكون حالياً في توسع، وسرعة هذا الاتساع في ازدياد تتناسب طردياً مع البعد بين أي مجرتين، ومن خلال واحدة من الفرضيات، فإن نهاية الكون في حال ازدياد كثافته لتصبح أكبر من الكثافة الحرجة بكثير، فإن تمدد الكون سيتوقف ويعود لينكمش (مرحلة الانسحاق الكبير) وليصبح كما كان قبل الانفجار الكبير.

«يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ» الأنبياء 104 إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَىيءٍ عَلِيمٌۢ.

* مدير جامعة الشارقة رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvx3eabn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"