ضربة جونسون الاستباقية

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

أظهرت استقالة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون من البرلمان البريطاني -التي هزت حزب المحافظين، وعمقت الانقسام في صفوفه- ضعف خليفته رئيس الوزراء الحالي ووزير ماليته السابق ريشي سوناك الذي تسببت استقالته آنذاك في الإطاحة بجونسون من السلطة، فهل استهدف جونسون توجيه ضربة استباقية وانتقامية في آن واحد لقيادة الحزب ومن يتربعون على عرش السلطة في اللحظة الراهنة؟

  بعض المحللين يرون في استقالة جونسون هروباً من تحمّل المسؤولية بعد صدور تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في سلسلة الفضائح التي ارتكبها عبر خرقه القوانين وإقامة حفلات جماعية في ذروة جائحة كورونا، وهي ما عرف باسم “بارتي غيت”، والذي يتهم جونسون بتضليل البرلمان عبر نفيه القاطع لتلك الوقائع. واعتبر محللون آخرون أن استقالة جونسون ليست نهاية مسيرته السياسية بقدر ما هي نوع من الهروب إلى الأمام؛ إذ إن جونسون يدرك عمق الأزمة التي يعيشها حزب المحافظين، ووصول شعبيته إلى الحد الأدنى منذ 13 عاماً، بحسب استطلاعات الرأي، والهزائم الكثيرة التي مُني بها في الانتخابات المحلية الأخيرة وفقدانه الكثير من معاقله الرئيسية. كما أنه يدرك ضعف خلفه سوناك الذي لم تقدم حكومته شيئاً ذا قيمة للبريطانيين منذ توليه السلطة في نهاية أكتوبر الماضي، وهو يدرك أيضاً أن استقالته الفورية مع نائبين آخرين من أنصاره ستحتم على المحافظين إجراء انتخابات فرعية في ثلاث مناطق مختلفة يرجح خسارتها بدرجة كبيرة، ستتبخر معها سلطة سوناك، ما يعمّق من مأزق الحزب ويدفعه إلى التفكير في إجراء انتخابات عامة مبكرة، وهي مطلب أيضاً للمعارضة العمالية. بهذا المعنى، يبدو أن جونسون الذي يرفض البقاء في الظل بعد أن حقق أكبر أغلبية شعبية بريطانية منذ نصف قرن عند انتخابه عام 2019، وأصبح بطلاً ل”البريكسيت”، قد خطط لاستقالته وتحركاته الأخيرة بعناية، وفق بعض المراقبين. 

  واللافت هنا أن استقالته الأخيرة جاءت في نفس اليوم الذي وجهت لحليفه السابق دونالد ترامب 37 تهمة تتعلق باحتفاظه بآلاف الوثائق السرية من بينها ما يتعلق بالأسرار النووية ويُعرّض أمن الولايات المتحدة للخطر؛ إذ إن كلا الحليفين حاول الظهور بمظهر الضحية؛ فترامب اعتبر نفسه ضحية مؤامرة ديمقراطية لمنعه من العودة إلى البيت الأبيض، في حين اعتبر جونسون نفسه ضحية كذلك، وقال عقب تقديم استقالته: “أنا حزين جداً لمغادرة البرلمان، على الأقل في الوقت الحالي؛ لكن قبل كل شيء، أشعر بالاستياء؛ لأنني أُجبرت على المغادرة بطريقة غير ديمقراطية”. متهماً اللجنة ب”الانحياز الفاضح”. ولم يتردد في صب جام غضبه على سوناك وحكومته، قائلاً: “عندما تركت منصبي العام الماضي لم تكن الحكومة تسجل سوى تأخُّر ببضع نقاط في استطلاعات الرأي. اليوم اتسعت هذه الهوة بشكل كبير”. وقال: إن الأغلبية التي تحققت عام 2019 باتت مهددة الآن. قبل أن يضيف: “حزبنا بحاجة ماسة إلى استعادة زخمه وإيمانه بما يمكن أن يفعله هذا البلد”. في إشارة لما يمكن أن يفعله مستقبلاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yvf4fycb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"