«عناقيد» الموت

00:28 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

يربط البيت الأبيض موافقته على إرسال القنابل العنقودية إلى أوكرانيا، بما يسميه بطء الهجوم الأوكراني المضاد، وقرب نفاد الذخائر التقليدية لدى كييف، على أمل تحسين ظروف الهجوم المضاد وإحداث خرق في صفوف القوات الروسية، رغم إدراكه التام بأن هذه القنابل محرّمة دولياً.

يبرر الرئيس بايدن موافقته على ما يسميه قراره «الصعب» بإرسال هذه القنابل شديدة الخطورة على المدنيين، حتى بعد انتهاء الحروب بسبب معدل تفجيرها المنخفض، وتسببها بقتل المدنيين فيما بعد، بما يسميه بطء الهجوم الأوكراني المضاد ونتائجه التي جاءت أقل من التوقعات، وقرب نفاد الذخائر التقليدية لدى كييف. ويرى بالتالي أن كييف بحاجة ماسة إليها لتعويض النقص في تلك الذخائر، على الرغم من المعارضة الواسعة من جانب الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية ومعظم أعضاء حلف «الناتو» وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها. 

الغريب أن واشنطن تتحدث عن أن «أوكرانيا قدمت ضمانات مكتوبة بعدم استخدام الذخائر العنقودية بشكل يضر المدنيين»، انطلاقاً من أن كييف ستتجنب استخدامها ضد مدنيين هم مواطنوها في نهاية المطاف. وهنا تظهر المفارقة المأساوية وازدواجية المعايير، فقد كانت آخر مرة استخدمت فيها واشنطن الذخائر العنقودية في غزو العراق، ما يعني أن المواطنين العراقيين لم يكن لهم أي قيمة في الحسابات الأمريكية. كما أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تجاهر باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، أي أنه يحق للولايات المتحدة ما لا يحق لغيرها. 

وللتذكير فقط نشير إلى أن القنابل العنقودية محظورة بموجب اتفاقية دولية جرت عام 2008 وصادقت عليها 123 دولة، باستثناء الولايات المتحدة وأوكرانيا. من الواضح أن وصول هذا النوع من الذخائر إلى ساحة المعركة، وهي أحدث الأسلحة الفتاكة التي تدخل الحرب الروسية الأوكرانية، يمثل تصعيداً غربياً جديداً، سيكون له رد روسي بالمقابل، إذ إن موسكو تمتلك مثل هذه الأسلحة وفق الخبراء، الذين يعتقدون أن القنابل العنقودية الأمريكية لن تغير كثيراً في الوضع الميداني، خصوصاً وأن القوات الروسية كان لديها الوقت الكافي لبناء تحصينات دفاعية قوية يصعب اختراقها. 

ويعتقد العسكريون الروس أن بإمكانهم تدمير هذه القنابل قبل إطلاقها، وإلحاقها بمن سبقها من أحدث الدبابات الغربية وقطع المدفعية وراجمات الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي على اختلاف أنواعها. فقد سبق أن أرسلت الولايات المتحدة، بحسب الخبراء، أكثر من مليوني قذيفة تقليدية إلى أوكرانيا، فيما أرسل الحلفاء الأوروبيون مئات الآلاف من تلك القذائف، بينما تقدر كييف أنها بحاجة إلى ما بين 7 آلاف إلى 9 آلاف قذيفة يومياً لتوسيع هجومها المضاد، لكن توفير هذا العدد الهائل يضغط على مخزونات واشنطن وحلفائها، وبالتالي فإن القنابل العنقودية قد تكون الحل لنقص القذائف التقليدية. لكن هناك من يرى من الخبراء والمحللين أن واشنطن باتت مقتنعة بعدم هزيمة روسيا في أوكرانيا، غير أنها لا تزال تأمل بإحداث خرق ميداني يسمح لها بإنقاذ ماء وجه الغرب، قبل الجلوس إلى مائدة التفاوض القادمة لا محالة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3tuxptxu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"