عادي
بروفايل

رمضان قديروف.. «الإخلاص الكامل للوطن»

01:35 صباحا
قراءة 4 دقائق
رمضان قديروف

د. أيمن سمير

عازف ماهر لآلة الجيتار، عاشق لسباقات الفورمولا والسيارات السريعة، عنوان للإخلاص الوطني والأمانة المهنية، سليل عائلة سياسية تجيد فن صناعة الزعامات والقيادات والقامات الرفيعة، فرضت عليه الأحداث أن يكون زعيماً في أوقات مبكرة من حياته، يتمتع بقدرة استثنائية في«الاستدارة السياسية»، قادر على «تحويل التحديات إلى فرص»، نجح في تحقيق سمعة وشهرة تتجاوز المستوى الوطني، بل بات حديث العالم منذ سنوات طويلة، نسج علاقات قوية في المنطقة العربية والشرق أوسطية، يحتفظ بعلاقات ناجحة مع المشاهير وصناع القرار في كل مكان.

يلقب في بلاده بأنه «ابن بوتين»، يعتبره الروس أحد أبرز أبطال هذه الحرب، بينما نشرت الصحافة الأوكرانية أكثر من مرة أخبار إصابته ووفاته على جبهات القتال، لكنه كان يخرج دائماً في بث مباشر على قناته على تيلجرام لينفي كل هذه الأخبار غير الصحيحة.

إنه رمضان قديروف، رئيس الشيشان إحدى جمهوريات الاتحاد الروسي الذي يتكون من 85 مقاطعة وجمهورية، والذي تم اغتيال والده أحمد قديروف عام 2004 عندما كان رمضان لا يتجاوز ال 27، لكن خبرته التي اكتسبها من العمل مع والده ساعدته في أن ينجح في كل المناصب والمسؤوليات التى تبوّأها حتى أصبح رئيس الوزراء عام 2006، قبل أن يوافق البرلمان الشيشاني بالإجماع على ترشيح الرئيس بوتين له رئيساً لجمهورية الشيشان عام 2007، وبهذا أصبح رمضان قديروف ثاني رئيس لبلاده التي تضم نحو 1.5 مليون نسمة قبل أن يكمل عامه الثلاثين.

الاستدارة الكاملة

كان رمضان بجوار أبيه في صفوف الشيشانيين المعارضين لحكم موسكو خلال الحرب الروسية الشيشانية الأولى التي استمرت عاماً و8 أشهر و20 يوماً في الفترة من ديسمبر 1994 وحتى أغسطس 1996، وهي الحرب التي أطلق عليها «الحرب الروسية الشيشانية الأولى»، وانتهت بتوقيع اتفاقية سلام بين موسكو وجروزني في عهد الرئيس السابق بوريس يلسن،لكن رمضان تحول للحرب على الجانب الآخر لصالح الكرملين مع والده أحمد في الحرب الروسية الشيشانية «الثانية» التي استمرت 10 سنوات كاملة من 1999 وحتى 2009، لكن اغتيال والده عام 2004 دفع رمضان لعدم الثقة في المجموعات المتمردة والمسلحة، والتي كانت تسعى لاستقلال الشيشان بعد نحو 130 عاماً على ضم الإمبراطور بطرس الأكبر الشيشان إلى روسيا عام 1870، وفشلت منذ ذلك الحين كل محاولات الشيشانيين للاستقلال عن روسيا البلشفية عام 1922، وعن الاتحاد السوفييتي السابق عام 1936 في عهد نيكيتا خرشوف، لكن حكمة وذكاء رمضان وعلاقته القوية مع موسكو ساهمت في تحقيق نهضة شاملة يشهد لها الجميع في الشيشان خاصة في مشروعات البنية التحتية ومطار جروزني الرائع بعد أن نجح في إعادة رجال الأعمال والصناعة والمستثمرين للعمل من جديد في الجمهورية الشيشانية عقب نهاية الحرب الأخيرة بين غروزني وموسكو عام 2009، وهو ما يؤكد صوابية المسار الذي اتخذه قديروف بالعمل في الجانب الذي يوجد في الكرملين وليس في جانب المعارضين لموسكو، كما حاول بعض القادة الشيشانيين.

بطل روسيا

رغم أن رمضان حصل على ألقاب وأوسمة كثيرة من الرئيس بوتين، إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية كانت «فرصة جديدة» لرمضان لتأكيد ولائه وإخلاصه الكامل للوطن وللكرملين، بعد أن دعم بشكل كامل ودون أي تردد الحرب الروسية الأوكرانية منذ اليوم الأول للحرب في 22 فبراير 2022، ولهذا أطلقوا عليه «بطل روسيا» حيث كانت الكتائب والألوية الشيشانية في مقدمة الصفوف، ووصلت إلى ضواحي كييف في بداية الحرب، لكنها تراجعت إلى الشرق مع الخطة الروسية، وأبلت القوات الشيشانية التي يطلق عليها «قوات أحمد» بلاء حسناً في كل المعارك التي شهدتها كل الجبهات طوال أكثر من 500 يوم من الحرب، وعندما انسحبت قوات فاغنر من خط الحدود مع الأوكرانيين في باخموت وسوليدار، لم تجد وزارة الدفاع الروسية أفضل من «قوات أحمد» لتحل محل قوات فاغنر، وهو شاهد جديد على الولاء الكامل من رمضان لرسالة الكرملين، وتكررت هذه الرسالة بنفس درجة الولاء والإخلاص، عندما كانت قوات فاغنر في طريقها من رستوف في الجنوب الغربي باتجاه موسكو خلال التمرد القصير لقوات فاغنر، وهنا كان رمضان قديروف وقوات أحمد كعادتهم في منتهى الجاهزية للدفاع عن «الاتحاد الروسي».

إيمان

من يحلل الخطاب الإعلامي والسياسي لرمضان قبل الحرب في أوكرانيا وبعدها، يتأكد له أنه مؤمن بوحدة وسلامة الأراضي الروسية، وجندي مقاتل على كل الجبهات التي تقاتل فيها موسكو، لأنه هو الذي ينتقد كل الدول الغربية التي تدعم توسع الناتو نحو الشرق، وهو ما جعله أقرب زعيم محلي لعقل وقلب الرئيس بوتين، حيث يتبني قديروف كل الخطابات والمواقف الرسمية للرئيس بوتين، ولهذا يترأس قديروف الفرع المحلي لحزب «روسيا الموحدة» بزعامة بوتين.

دعم المسلمين

أكثر الذين دعموا الصورة النمطية الإيجابية عن المسلمين في روسيا، كان رمضان، فالزعيم المقرب من دوائر الحكم والاستخبارات في روسيا هو رجل مسلم من الطراز الأول، فقد شارك في غسل الكعبة الشريفة أكثر من مرة أبرزها عام 2010، كما أن ابنته عائشة حصلت على لقب «حافظة القرآن» لأنها استطاعت أن تحفظ كل المصحغ قبل أن تكمل 14 عاماً، وبات قديروف رمزاً للاستقامة والاعتدال الديني في بلاده، بل وكل الجمهوريات الروسية ذات الغالبية الإسلامية، ويعلم قديروف خطورة الجماعات المتطرفة والمتشددة على سماحة وصورة الإسلام، لهذا أسس جيشاً جراراً لمحاربة تلك التنظيمات الإرهابية، ليس فقط في الشيشان بل في كل جمهوريات شمال القوقاز، وهو موقف جعل كبار السياسيين الروس يحرصون دائماً على احترام الإسلام والمسلمين، ربما كان آخرها هذا الشهر عندما قبّل الرئيس الروسي نسخة من القرآن الكريم. المؤكد أن رمضان يتعرض لحملات إعلامية غربية، كما فرضت علية عقوبات أوروبية، لكنه يؤكد كل يوم أنه «الرقم الصعب» ليس فقط في معادلة الحرب مع أوكرانيا والغرب.

[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3f3h8jf7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"