منعطف خطر

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

دخلت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا منعطفاً خطراً، مع استمرار كييف باستهداف الأراضي الروسية من شرقها إلى غربها، وما ينذر بالخطر أن موسكو باتت اليوم في قلب هدف المسيّرات التي تحلق يومياً، لضرب مواقع استراتيجية فيها، كما أن المناطق التي ضمتها روسيا إلى جانب القرم، أصبحت تتلقى الضربات اليومية، وكأن الأمر أضحى شبه اعتيادي فيها، ما يعني أن أوكرانيا ومن خلفها الغرب الداعم لها بكل شيء، عازمة على تدفيع روسيا الثمن الباهظ، واستنزافها في أرضها، عبر نقل المعركة إليها. وعلى الرغم من أن موسكو ما تزال تتعامل بضبط النفس فإنها قد تضطر رويداً رويداً إلى توسيع بنك أهدافها، وتوسيع رقعة المعركة، وقد يكون ذلك باستهداف مراكز صنع القرار السياسي، التي تتجنب استهدافها حتى اللحظة.

روسيا تعلم يقيناً أن الهجمات تتم بضوء أخضر غربي، وهو ما دفع مدير الاستخبارات الروسية سيرغي ناريشكين للقول: إن القوات الروسية تتصدى لهجمات مضادة يقودها حلف الناتو، وليس الجيش الأوكراني، وإن الحلف يستخدم الجنود الأوكرانيين كقوة بشرية، لتنفيذ مخططاته العسكرية، وسيلجأ إلى جنود من شرق أوروبا وألمانيا في مرحلة لاحقة. هذه الحالة قادت روسيا إلى اللجوء إلى قوة نارية أشد، طالت كامل الأراضي الأوكرانية، بضربات دقيقة، كما أنها عززت سلاح الدفاع الجوي، لمواجهة الاختراقات، إضافة إلى رفع مستوى العلاقات مع الدول الحليفة المحيطة بها، كبيلاروسيا، التي نشرت فيها قنابل نووية، وسمحت لقوات «فاغنر» بالتوجه إليها، وإقامة المعسكرات، لتدفع هذه الخطوة الغرب إلى الجنون، توجساً من تسلل هذه القوات إلى حدود «الأطلسي» الشرقية، وتنفيذ عمليات «تخريبية» تقض مضاجع دول الحلف الملاصقة.

ليس من السهل على الغرب استهداف روسيا، وضرب أمنها، دون مقابل؛ إذ إن الأثمان لا بد أن تدفع من طمأنينة الدول التي تدخلت في الصراع أيضاً، فموسكو أكدت مرات عدة أن سياسة ضبط النفس قد ترفع في أي لحظة، وأن أي تطور سيكون فيه السلاح النووي حاضراً بقوة، ولن يسلم أحد، مشيرة إلى أن الخطوط الحمراء تم تجاوزها، وسيكون الاستمرار في هذه السياسة عبثاً، ولعباً في المحظور.

أوكرانيا في قلب الصراع الشرقي والغربي، وهي الصخرة التي يتقي بها الغرب المد الروسي؛ لذا فإنها تدفع ضريبة الحرب، وهي الخاسر الأكبر من المعركة، التي دمرت مدنها، وأعادتها سنوات للوراء، لكن الخطر الأكبر، هو إعلان روسيا الحرب الشاملة عليها؛ بحيث تكون ضحية إصرار الغرب على استخدامها لغايات تدمير روسيا.

موسكوتؤكد أنها لن تهزم، ولو اضطرت إلى استخدام سلاح الدمار الشامل، وهذا ما يدركه الغرب، رغم نقله المعركة بواسطة أوكرانيا إلى روسيا؛ لذا فإنه من باب استدراك لما هو أكبر، فإن بإمكان أمريكا وأوروبا، اختصار الحرب الشاملة، بتفعيل الوسائل الدبلوماسية، والتفاهم مع روسيا انطلاقاً من عدم العبث بأمنها، لإنقاذ ما تبقى من أوكرانيا، وإلا فإن العالم سيكون قاب قوسين أو أدنى من التدمير، إذا أصر كل طرف على التصعيد، ولن يكون هناك منتصر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7jbxwn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"