عادي

الحياة المطمئنة

23:03 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

في فطرة كل إنسان تصديق بربه ليحيا مطمئناً بصلته به، ثم إذا اتَّبعَ الإسلام الذي أنزله سكينة له لإرشاده ازدادت نفسه إيماناً (أي أماناً) واطمئناناً.. قال الإمام السيوطي في تفسيره «الدر المنثور»: «.. أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم قال: تصديقاً مع تصديقهم..».

يقول الإمام ابن القيم في كتابه «مدارج السالكين»: «.. لا شيء أحق أن يفرح العبد به من فضل الله ورحمته التي تتضمن الموعظة وشفاء الصدور من أدوائها بالهُدى والرحمة..... وبما آتاها ربها في القرآن من الهُدى الذي يتضمن ثلج الصدور باليقين وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه وحياة الروح به، وبما آتاها من الرحمة التي تجلب لها كل خير ولذة وتدفع عنها كل شر وألم..». ومصداق ذلك قوله تعالي:«يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون».(يونس: 57 - 58).

كما أنزل الله سبحانه الإسلام لعلاج النفس إذا مرضت!، يقول تعالى: «ونُنزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين»،.. قال الإمام القرطبي في تفسيره: «.. أي شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وإزالة الريب وكشف غطاء القلب من مرض الجهل لفهم الأمور الدالة علي الله تعالى.. وقيل شفاء من الأمراض الظاهرة..»، وقال الإمام ابن كثير: «.. أي يذهب ما في القلوب من أمراض..».

إن أشهر الأمراض النفسية الآن: القلق والتوتر.. الاكتئاب والإحباط.. الخوف من المستقبل أو الآخرين أو الحياة.. الخجل والانطوائية.. الوسواس.. الإدمان... وما شابه هذا.

إن أهم أسباب القلق ومعظم هذه الاضطرابات هي الحيرة وضيق النفس من عدم معرفتها بإجابات أشهر الأسئلة الأساسية التي تراود عقل أي إنسان في حياته، والتي جعلها سبحانه من رحمته وحبّه لخلقه سبباً للتوصُّل إليه، والتواصل معه، حتى تسعد الحياة: لماذا خُلِقت؟.. ما الهدف من حياتي؟.. من يعينني إن أصابني مكروه؟.. ماذا سأُرْزَق؟.. ماذا بعد الموت؟.. ونحو ذلك من الأسئلة المُحَيِّرَة.

والإسلام هو أهم معالج جذري لها، ويعالجها بكل بساطة، بأن يجاوب بكل وضوح وتفصيل عن هذه الأسئلة التي لم ولن يقدر أحد علي الإجابة عنها، لأن أحداً لا يعرفها إلا إذا وَعَى رسالة ربه وهي شرعه ودينه ونظامه، ويعالجها بأن يطلب من العقل ترك الفطرة كي ترتبط بخالقها ويسير معها ويؤيدها! لأنها خُلِقت أصلاً موصولة به.

يقول الله تعالى: «ونفخت فيه من روحي» (الحجر: 29).. قال الإمام الطحاوي في «شرح العقيدة الطحاوية»: «.. هذه إضافة مخلوق إلى خالقه.. وهي إضافة تقتضي تخصيصاً وتشريفاً يتميز بها عن غيره..»، فإذا ما ارتبطت به واتصلت أَمِنَت واطمأنت، كما يقول تعالى: «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب». (الرعد: 28).

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3vape3c2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"