إيمان الهاشمي
رَقَصَت على الرغم من أنف الوجع، على أنغام موسيقى (بحيرة البجع)، أخذت تتمايل برشاقة عالية كرشاقة الأمنية، حتى تقرحت قدماها من تدريبات الباليه المضنية، فأطلقت لخيالها العنان وسافرت بعيداً إلى الماضي، في عالم يسكن مخيلتها وأشبه بالعالم الافتراضي، حيث التوافق والتفاهم والتراضي، تماماً في صلب العصر الموسيقي الخاص بالرومانسية، لتلتقي بالملحن (بيتر إليتش تشايكوفسكي) في أحد المطاعم الروسية، (يا إلهي أحب ألحانك جداً، أنت لا تعلم بما تجعلني أشعر حينما أرق.....)، وقبل أن تسترسل نظر إليها بابتسامة ثقة تحمل القليل من الغرور (ممتن للطفكِ سيدتي)، ثم تمتم معلقاً على ملابسها الغريبة والمختلفة في ذاك الزمن، فاختصرت عليهما المسافة والوقت وأخبرته مباشرة بأنها قدِمت من المستقبل، لتتأكد من بعض الحقائق بنفسها.
هكذا لاحَظَت أنه فعلاً كما قيل عنه أنه لا يشرب إلا من القِنان، ولا يأكل إلا الأكل المطهو جيداً ولا يشعر دونه بالأمان، فارتسمت علامة النصر على شفتيها وكأنها تحيّي جودة معلوماتها، مع مراعاتها الدقيقة وحرصها الشديد على اختيار ألفاظها وكلماتها، فقد كانت تدرك جيداً أنه سوف يموت يوماً ما بمرض الكوليرا بسبب شربه لماء ملوث، وأن عمله العظيم وسره الأليم وحظه الوخيم سيبقى دائرة شك تدور حوله كأضلاع المثلث، فاختارت الصمت ولجمت لسانها عن إخطاره بجميع أخطاره التي سيواجهها، وبالتالي غيرت مجرى الحديث وسألته عن زوجته التي قط لم يواجهها، فأخبرها بأنها ما زالت تتعالج في المصح العقلي منذ فترة وجيزة، وهنا لم تجرؤ أن تخبره بأنه بعد 20 عاماً ستموت هناك زوجته العزيزة، فقد جُنّت المسكينة عندما علمت بأن زوجها لم يفقد عقله ولم يُسكره نبيذه؛ بل كان هذا العبقري واعياً عندما عشق أحد تلاميذه، والذي انتحر بدوره فور وصول خبر زواج محبوبه، وكأن الزواج الصحيح بات مجرد تجربة أو ألعوبة، بعدها قام مبدعنا العجيب بتلحين رائعته (روميو وجولييت) متأثراً بحزنه على فراقه، وهذا ما يبرر لمسة الحزن في خاتمة موسيقاه تأكيداً لحرة احتراقه؛ بل وقد حاول هو الانتحار أيضاً بالقفز إلى النهر دون جدوى، أتراها انتقلت إليه بالعدوى، يا لها من قُدوة. حسناً هي قصة لا تُروى.
بقي سؤال يدور في رأسها: (لماذا تقود الأوركسترا بيد واحدة، بينما تمسك ذقنك بالأخرى؟)
أجابها بهدوء: (لئلا يقع رأسي).
الاسم: بيتر إليتش تشايكوفسكي
الجنسية:روسي
النشاط:موسيقي
من أعماله:بحيرة البجع
