مناخ يعصف بالمستقبل

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان
الداعون إلى التعقل في كل الملفات العالمية الكبرى لا يرجون عادة استجابة تنقذ الحاضر وتجعله أكثر أمناً؛ فذلك أمر قد يبدو بعيد المنال، لكنّ أعينهم دوماً على المستقبل الذي تتكالب عليه العواصف السياسية والاقتصادية، بل المناخية.

ومن أسفٍ أن الأطفال، وهم عنوان هذا المستقبل، النقطة الأضعف بين ضحايا كل هذه العواصف، ويدفعون الجزء الأكبر من أثمان سياسات «الكبار» المصرين على توريث الأجيال المقبلة فقراً وضعفاً وقلة حيلة في مواجهة واقعهم الذي يبدو في بقاع كثيرة من العالم على غير ما نشتهي..

من ملف المناخ تحديداً، أطل خطر جديد على الأطفال منذ سنوات وحذّر منه كثيرون، لكنه، وفق التقارير الأحدث، يتعاظم وتتسع دائرة ضحاياه على نحو قد يخرج عن السيطرة ما لم ينتبه العالم.

يكفي الصغار بؤساً في مراكز الصراعات، فهم إما بين ضحاياها، بالموت أو التشريد أو اليتم أو الفقر أو الحرمان من التعليم وغيره من أبسط الحقوق، أو يساقون مجبرين إلى أتونها، وإن نجوا، أصبحوا مشوهين جسدياً ونفسياً.

مناطق الخطر المناخي أصبحت أيضاً تكرر المأساة نفسها مع الأطفال، ولعل ذلك سيكون أحد المحاور الأبرز في مناقشات مؤتمر «كوب 28» الذي تستضيفه الإمارات قريباً، ليس فقط بالاستناد إلى سجل الدولة الحافل بحماية الصغار وتأمين مستقبلهم أينما كانوا، وإنما أيضاً لتوالي التقارير التي تراكم القلق من تأثيرات المناخ فيهم..

منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» رصدت في تقرير حديث أن الأحداث الجوية القاسية الناجمة عن تغير المناخ، بدءاً من الفيضانات والعواصف إلى الجفاف والحرائق البرية، تسببت في نزوح 43.1 مليون طفل بين 2016 و 2021، والأقسى أنهم لم يلقوا ما يكفي من الاهتمام.

وتوقعت المنظمة أن تؤدي الفيضانات المرتبطة بفيضان الأنهار وحدها إلى نزوح 96 مليون طفل في الثلاثين عاماً المقبلة، بينما تتسبب الرياح الدورية في نزوح 10.3 مليون منهم. وربط التقرير بين 95% من عمليات النزوح والفيضانات والعواصف.

والانتباه واجب إلى أن هذه البيانات تخص الأعوام الخمسة المنتهية في 2021، أي أنها لم تشمل من أضير من الأطفال من الكوارث المناخية التي شهدها العامان الماضيان، وأقربها إلينا فيضانات ليبيا التي لا يمكن، حتى الآن، الوقوف على رقم نهائي لضحاياها، سواء من الموتى أو النازخين، كباراً كانوا أو صغاراً.

وإذا توافر رقم للنازحين الصغار بعد مأساة درنة الليبية وأضيف إليه أمثالهم في الهند أو الصين أو الفلبين أو مناطق أخرى طالتها الفيضانات أو الكوارث المناخية، فإن النتيجة التي خلص إليها تقرير «يونيسيف» الأحدث ستبدو هزيلة.

أما عن المستقبل، فهو أيضاً حافل بالقلق والخطر، فالمنظمة نفسها قالت، قبل عام، إن مليار طفل، أي حوالي نصف أطفال العالم، يعيشون في أحد البلدان ال 33 المصنفة على أنها «مرتفعة المخاطر للغاية» من الناحية المناخية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4tmzjujn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"