مهمة ريادية للمجامع اللغوية

00:28 صباحا
قراءة دقيقتين

هل في ذهنك فسحةٌ من الأريحيّة فتسمحَ بالإنصات إلى هذا الطرح؟ خذهُ برفقٍ على محمل الجدّ، فإن كان لوقعه صدًى في العقل، فحبّذا، وإلاّ فلن تتوقف الأرض عن الدوران. لدينا أكثر من عشرة مجامعَ للغة العربية، حوالي ثلاثة عشر مجمعاً أو أكثر، ليس من اليسير إعطاء رقم دقيق، لأن بعض التسميات تُحدث إشكالاً في التصنيف، جرّاء اختلاف التوصيف والتعريف. مثلاً: «مجمع اللغة العربية الافتراضي» بالمملكة العربية السعودية، «مجلس اللسان العربي» في موريتانيا، «مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية» في المملكة العربية السعودية، «مكتب تنسيق التعريب» في المملكة المغربية، «المجمع العلمي اللبناني» في لبنان، «المجمع العلمي العراقي» في العراق، «بيت الحكمة» في تونس. اتّفق العرب على ألاّ يتفقوا حتى في تسمية الشيء الواحد، حنيناً إلى مئات أسماء الأسد والسيف وابنة العنقود. تنتظم هذه اللآلئ في عِقد اتحاد مجامع اللغة العربية، تيمّناً بمنتخبات أندية كرة القدم، واتحاد الإذاعات العربية، بينما العربية واحدة.

لو قيل لتلك المجامع: أيها الأفاضل، ليس في الأربعمئة مليون عربي، من هم أعلم منكم بلساننا، سوى أن مناهج تدريسها أمست لا تقوى على مواكبة إيقاع العصر، لفرط الشحوم والأورام، فهي بقواعدها مُعقدة، فلا يقع نظر الطالب عليها حتى يتذكّر قول الحطيئة: «تنحّيْ واقعدي منّي بعيداً.. أراح الله منك العالمينا». إن الشعوب العربية، نيابةً عن لغتنا الجميلة، لا تسألكم ما يكلّفكم العناء والمشقة، فالمطلوب يسر لا عسر، على كل مجمع على حدة، أن يضع خطةً لتبسيط القواعد، من دون عجلة أو تسرّع، فأمامه خمس سنوات. وهي مدّة تكفي لدى أولي العزم اللغوي لتأسيس لغة جديدة. ثم إن المهمّة لا تحتاج إلى شق القمر، فاللغويون الذين طالبوا قديماً وحديثاً بتخفيف الأثقال والأحمال عن ظهر العربية، توصياتهم جداول وقوائم، ما على أهل النظر إلّا استخراجها وتطبيقها، مع تغيير الشواهد بأخرى حديثة مستمدّة من واقع العصر وعلومه وتقاناته. الكتب المدرسية الحالية محشوّة بأمثلة وتطبيقات وتمارين، وكأن الدارسين يعيشون في القرن الرابع الهجري. عقلاً ومنطقاً ومواكبةً لتحوّلات الزمان، لا يجوز التمادي في عرض النحو على هذا النحو، ولم يعد لهذا الصرف من صرّاف. على علمائنا الأفاضل في مجامع اللغة العربية أن يبتكر كل مجمع منهاجاً جديداً على طريقته، ثم تُنشر الأعمال أمام الملأ، فيذوق العرب طعم الديمقراطية وحرية الفكر والرأي والتعبير، ويختارون ما يرفع هامة لساننا أمام اللغات، وما تشمخ به قامة الأمّة أمام الثقافات. وسيرى الله عملكم والشعوب ومناهجها.

لزوم ما يلزم: النتيجة الاقتصادية: اقتدوا بالاقتصاد والأعمال في التنافسية، فسوف تكون الثمار أعظم من جائزة نوبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2h8d8pt5

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"