التشمير عن السواعد لتبسيط القواعد

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

هل بدا لك مقترح القلم أمس، فكرة طفولية، حين طرح «مهمّة رياديّة للمجامع اللغوية»؟ الغاية هي أن يُعِدّ كل مجمع لغوي خطّةً مفصّلةً لتبسيط قواعد العربية وتجديد أساليب تعليمها. يجب التسليم بأنه، حاضراً ومستقبلاً، وإلى أن يتحقق هذا المرام، لا يمكن العثور على أمانة تضطلع بها المجامع تفوق هذه المهمّة في سلّم الأولويات المستعجلة. تفضّل، حاول إعداد قائمة. لا شك في أنك ستتوقف مليّاً عند رسالة تعريب العلوم. إنها أولوية بلا ريب، لكنّك على صعيد المنهجيّة ستدرك أن تبسيط القواعد ضرورة أولى، أو، لقطع الطريق على الجدل غير المجدي، خطوةٌ ضروريةٌ بالتوازي.

الحجة الكبرى هي أن المجامع اللغوية، كما يسمّيها القلم، هي السلطة التشريعية اللغوية، فليس من حق أيّ جهة أخرى مقاربة تبسيط العربية، بأيّ شكل من الأشكال، إذا لم يكن علماء المجامع مشرفين على أعمالها. العربية لغة اثنين وعشرين بلداً، فضلاً عن أنها لغة الدين الإسلامي الأولى، فهي تعني قرابة ملياري إنسان. أمانة عظمى كهذه لا تترك مقاليدها للاجتهادات الفرديّة، ولا بدّ من كلمة أخيرة لاتحاد المجامع، حتى إذا أعطى الضوء الأخضر، استطاعت وزارات التربية والتعليم العربية إجراء التعديلات مع الاطمئنان إلى أن اللغة العربية ستظل لسان العرب الموحّد، وكل الناطقين به في جميع أرجاء العالم.

لستَ متجنّياً على أحد إذا أنت ساورتك الظنون، إزاء التسويف القروني في إنقاذ العربية من كمّاشات تعقيدات القواعد. سيسرح ذهنك وذهولك إلى حدّ الذُّهان والهذيان، في بانوراما من الأسئلة الحادّة الشائكة: هل ثمّة أوامرُ ونواهٍ وفراماناتٌ عليا أو فتاوى، أو ما جرى مجراها من محاذير أو محظورات تحول دون تبسيط القواعد وأساليب التدريس؟ ما هي الموانع التي وقفت دون أخذ اللغويين زمام المبادرة الحازمة الحاسمة في هذا الشأن؟ لماذا لم تحرّك ساكناً توصيات الأدباء وعلماء اللغة، ومنهم الفيلسوف والفقيه والقاضي، وهم قائمة طويلة من القرن الثالث الهجري فصاعداً إلى العقود الأخيرة؟ كيف لم تثر ضجّةً السخرياتُ من النحاة وتعقيدات النحو، طوال القرون الماضية؟ لماذا نظر اللغويون والأدباء إلى تلك السخريات على أنها طرائفُ أو رسومٌ كاريكاتوريةٌ بالكلمات؟ لمَ لم تؤخذ تلك الإشارات والتنبيهات على أنها تكشف أعراضاً تدل على أمراض تتهدد سلامة لغتنا ورمزَ هويتنا؟

لزوم ما يلزم: النتيجة التوعوية: كل ما نرجوه من اللغويين هو ألاّ يتكرر السّبات على غرار ما حدث في إنشاء معجم تاريخ اللغة العربية منذ 1907 إلى القرن الحادي والعشرين، فلولا الإرادة التي انبثقت من الشارقة، ما كان هذا الإنجاز العظيم ليرى النور.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4hsrvvsb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"