خطر «الصغار»

00:49 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

تنديد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بقتل طفل مسلم في بلاده، وجرح أمه، وهما من أصل فلسطيني، لا يهوّن من حجم الجريمة التي تمثل امتداداً، في أسبابها ونتائجها، لما يجري بين إسرائيل وغزة، ولا يبرئ بعض أوجه السياسة الأمريكية في التعامل مع الأزمة السياسية التي تشغل العالم.

لن نقف عند الدعم الأمريكي لإسرائيل خلال الأزمة، لا من حيث حجمه ولا المسارعة إلى تقديمه، ولا ما رافقه من تصريحات ليست جديدة حول أبدية هذا الدعم.

ما يعنينا هنا، لاتصاله بجريمة قتل الطفل فلسطيني الأصل، أن «عمل الكراهية المروّع»، حسب تعبير بايدن، هذا قد لا يكون الأخير، وأنه لا يمكن إعفاء الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته من مسؤوليتهما في هذا الشأن. الأول ردّد بغير تدقيق منه، ولا من فريقه، أن حماس تقطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين، ثم عاد واعتذر، مدعياً أنه اعتمد على معلومات إسرائيلية لم تثبت صحتها، لكن تصريحاً كهذا لا بدّ أنه أثار نفوس الكثيرين حول العالم، مع إصرار أمريكي على ربط حماس بتنظيم «داعش» الإرهابي.

أما وزير الخارجية الأمريكي، فلا أحد يعرف كيف فاته تقدير حجم الجريمة التي يرتكبها وهو يواسي الإسرائيليين، منطلقاً من أنه يهودي، وابن يهودي. وهو تصريح ينطوي على أكثر من مكمن للخطر، أهونها توقيته، إنما الأهم هو تحويل الصراع من سياسي إلى ديني، ورسوخ هذا يزيد مساحات التطرف على كل جانب، ويصّعب تثبيت معاني التقارب، لأننا سنكون أمام أمور عقدية لا تقبل التفاوض، وليس استراتيجيات تتبدل مع الظروف السياسية وتطور المجتمعات.

الجانب الآخر المهم الذي كان على ممثل الدبلوماسية الأمريكية أن يعيه، أن الخطاب الإسلامي العاقل، وهو الأغلب، لا يعمّم أحكامه في تفاعله السياسي مع المكونات الدينية الأخرى في العالم، فالاختلاف مع سياسة دولة ما لا يقود إلى حديث عن مسيحيتها، أو يهوديتها، والتعامل مع إسرائيل لا يقف عند غلبة ديانة ما على معتقد سكانها، حتى وإن تطرف بعضهم دينياً، في القول أو الفعل.

لا مشكلة مع اليهود، في إسرائيل أو خارجها، ولا نعرف إن كان وزير الخارجية الأمريكي أفرط في إظهار دعمه لها من باب الحماس اللحظي الذي لا يليق بدبلوماسي، أو لمصلحة سياسية، لكنه وفّر غطاء لسبعيني أمريكي قتل طفلاً، وأصاب أمه لا لشيء إلا أنهما مسلمان.

والجريمة، للأسف، قابلة للتكرار من أي جانب في الولايات المتحدة، أو غيرها، حتى إن رأى بايدن أن «هذا العمل المروع من الكراهية ليس له مكان في أمريكا، ويتعارض مع قيمنا الأساسية»، أو رفض «الإسلاموفوبيا»، مادام بعض الساسة يلعب بالنار في مواضع الجد.

القاتل دافعه، حسب الشرطة الأمريكية، ما يجري في الأراضي الفلسطينية، ولا شك في أنه، متأثراً ببعض التصرفات السياسية، رأى جانباً واحداً من الأمر، رغم أنه سبعيني، والخوف أكبر من «الصغار».

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yu9ajz55

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"