إطالة أمد المعاناة

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

يبدو أن الغرب بمجمله، وعلى رأسه الولايات المتحدة، غير عازم على تخفيض حدة الصراع في أوكرانيا؛ إذ إنه لا يتوانى عن دعم كييف بكل السبل، السياسية والعسكرية والاقتصادية، كأن أوكرانيا مقاطعة أمريكية، أو مدينة تتبع الاتحاد الأوروبي. فالدعم العسكري المحموم، يؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الحرب ليست روسية أوكرانية؛ بل إنها عالمية ضد الاتحاد الروسي على الأرض الأوكرانية، لدرجة أن مخازن الذخيرة في القارة العجوز بدأت بالنفاد، بينما لم تكتفِ أمريكا بتقديم الدعم بالسلاح النوعي، كالصواريخ بعيدة المدى وغيرها؛ بل أتبعت ذلك بمد كييف بدعم استخباراتي ومالي كبيرين؛ لكن هذا الدعم بات وبالاً عليها؛ إذ إن الإدارة الأمريكية تخشى انقطاع المساعدات جرّاء الخلخلة في مجلس النواب الأمريكي التي إن استمرت، فستعيق إقرار الدعم الذي يصل إلى عشرات مليارات الدولارات لأوكرانيا.

آخر فصول الدعم، مد واشنطن كييف بصواريخ «أتاكمس» بعدية المدى، استهدفت مدرجي طيران روسيين، وعلق زيلينسكي على ذلك بأنه «يتم تنفيذ الاتفاقات التي توصلنا إليها مع الرئيس الأمريكي جو بايدن. ويتم تنفيذها ببالغ الدقة: لقد أثبتت أتاكمس جدارتها».

بوتين ردّ على تسليم الصواريخ لأوكرانيا، بأن استخدامها من قبل كييف لن يؤثر في مسار الحرب، ولن يؤدي سوى إلى إطالة أمد معاناة أوكرانيا، وأكد أنه يستحيل أن تغير مسار العمليات، وستزيد الصعوبة على الأوكرانيين، وهذا التصريح يشير إلى انسجام موسكو مع حرب الاستنزاف، التي أرادها الغرب لها؛ حيث قلبت للغرب ظهر المجن، وباتت هي من تستنزف أعداءها بالنفَس الطويل، ويبدو أن أولويتها الآن ليس حسم الصراع بقدر إطالته، للتضييق على الأوروبيين وأمريكا، وزعزعة استقرارهم جميعاً.

ومع أن المخزون العسكري الغربي كله بيد أوكرانيا، ورهن إشارتها، إلا أن جيشها لا يزال واهناً، وغير قادر على إحداث اختراق في هجومه المضاد، ما يؤشر إلى عمق الأزمة التي تعانيها إلى جانب داعميها، لدرجة أن بعض الأوروبيين بدأوا بالتململ من إلحاحها الشديد في طلب الدعم، ما قد يؤثر في أمنهم القومي، ومقدراتهم العسكرية في مواجهة الأخطار.

لن يكتب للغرب النجاح في أوكرانيا، وفق ما تشير إليه المعطيات؛ إذ لم يبق شيء في جعبته ليقدمه، غير مزيد من السلاح، وهو ما تعايشت معه موسكو؛ لذا فإن إطالة أمد الحرب، سيعيد أوكرانيا إلى عشرات السنوات للوراء، ولن يوقف قطار روسيا الذي انطلق لتحقيق أهدافه عالمياً؛ لذا ينبغي على الغرب بعد مرور تلك الشهور أن يعيد حساباته، لأن من العبث الاستمرار في هذا النهج.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdejna98

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"