الحرب الإعلامية

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

يبدو أن التصعيد في غزة الذي تجاوز أسبوعين لن يقف عند حدود العملية السريعة أو الاشتباك الخاطف، وسواء تطورت صور المواجهة في القطاع أو تعددت ساحاتها خارجه، فإن ما يمكن المسارعة إلى استخلاصه من دون انتظار النهاية أن الصراع الإعلامي بين وجهات النظر أصبح أكثر شراسة.

لم يكن الإعلام يوماً، بوصفه أداة حشد واستقطاب، بعيداً عن المعارك، ليس التي تتواجه الأسلحة في ساحاتها فقط، بل أيضاً في صورها غير المباشرة التي تجنّد كل وسائل الإقناع.

وحين نتحدث عن الإعلام، فلا بد من الاعتراف بأننا حتى الآن، نخسر جولاته حتى في أعدل قضايانا، وهو أمر وقف عنده كثيرون قبل ذلك وفي أكثر من مناسبة ولا يخص الموضوع الفلسطيني وحده، وإن كان هو الباعث الآن على تجدد المناقشة.

قد يندهش المشاهد وهو يرى حتى الآن ضيوفاً أجانب، خاصة من الولايات المتحدة، يتحدثون عبر القنوات العربية عن إقدام «حماس» على قطع رؤوس أطفال واغتصاب نساء عند الهجوم على المستوطنات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر(تشرين الأول).

والمعلوم أن هذه رواية تبناها الرئيس الأمريكي نفسه في بداية الحرب، ثم عاد وكذّبها، وقال إنه اعتمد فيها على معلومات غير دقيقة من الجانب الإسرائيلي.

من هؤلاء الضيوف دبلوماسيون وأكاديميون ومشرّعون صمّوا آذانهم عن تكذيب الرئيس الأمريكي نفسه ويصرون على تجاهل التصحيح، فأي تأثير يمكن أن يتركه الإعلام العربي الذي يجاهد لمواكبة ما يجري، لكنه يعيش مآزق عدة، أولها بعض التباين في مواقف القنوات حسب جهة تمويلها، والأهم هو أن الصوت الإعلامي العربي، وهو في الغالب باللغة الأم، لا يترك صدى خارج المنطقة، ويتفتت إلى منافسات مهنية يتابعها العرب فقط، بينما الطرف الآخر يأتيك بلغته من كل جانب، سواء كان ضيفاً على قنواتنا، أو عبر حسابات عربية على مواقع التواصل بعضها يجيد حتى لهجاتنا.

ليس من الممكن في ظل تباين وجهات النظر العربية تجاه بعض القضايا الدعوة إلى قناة مشتركة بلغات أخرى، فمجرد التفكير في هذا سيفتح الباب على أوجه خلافية كثيرة تسأل عن مصدر التمويل وصاحب الحق في الإدارة ورسم التوجهات. ورغم ذلك، فإننا بحاجة إلى نسخ أجنبية من القنوات القائمة تحتفظ حتى باختلاف المعالجات بين المحطات الأم، لكنها في القضايا المصيرية وغير المختلف عليها تتحدث إلى الغرب بلسان عربي واحد.

لا يمكن مع توفر كل الإمكانيات استمرار الرهان على المبادرات الفردية في إيصال صوتنا، ولا يصح أن نبقى مفاخرين فقط بفتاة عربية عنّفت مراسلة أجنبية أو مذيع منا تفوق على نظيره الأجنبي في الحوار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdeyxpah

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"