مفاجآت الذكاء الاصطناعي التوليدي

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل على المبدعين بالحرف والصورة والنغم أن يغلقوا دُور خلوات إبداعهم، ويسلّموا مفاتيحها للذكاء الاصطناعي التوليدي؟ من أين نزلت هذه النوائب على رؤوس الرّوائيين والسينمائيين وصُنّاع الرسوم المتحركة والموسيقيين والمسرحيين والفنانين التشكيليين ومن وقع على أشكالهم؟ الطريف هو أن الذكاء الاصطناعي ابن عصره، فقد ولد وفي فمه ملعقة من آخر صيحات الاستراتيجية الهجومية، دخل الميدان شاهراً سيف «الصدمة والترويع»، مثلما يفعل رعاة البقر، يرفس الواحد الباب ويقتحم المكان مصوّباً مسدسين معاً. الذكاء الاصطناعي في الموسيقى، لم يبلغ حتى الفطام، ولكنّه قفز قفزةً فإذا هو عند قمّة إيفريست، ألّف أو أكمل السيمفونية العاشرة لبيتهوفن. بتعبير المتنبي: «ليعلمِ الجمعُ ممّن ضمّ محفلنا.. بأنّني خير من دانت له النغمُ» (النغم جمع نغمَة). أو بتعبير المعرّي: «أرى العنقاء تَكبُرُ أن تُصاداَ.. فعاندْ من تُطيق له عناداَ».، أمّا وقد بلغ الفطام، فسيخرّ له أساطين الموسيقى ساجدين.

الذكاء الاصطناعي التوليدي، سيغدو صداعاً لشركات الإنتاج، التي ظلت عقوداً صامّةً آذانها صائمةً عن الفهم. تقضي أحد عشر شهراً بين رمضان ورمضان، وهي توهمنا بأنها عاكفة على إبداع الروائع، تُهدر عاماً لكي يُفطر الصائمون على بَصلة، لا تمتّ إلى الفن بِصلة. لن يحتاج الذكاء التوليدي إلى أكثر من دقائق أو ساعة، ليأتي بما لم تستطعه الأوائل. يتحلق حوله المشرفون على الفضائية: يا مولانا التوليدي، إنّا توّاقون إلى أن تبدع لنا عملاً مستوحىً من رائعة أبي العلاء: «رسالة الصاهل والشاحج»، تلك المسرحية التي بطلاها حصان وبغل، وتتناول الشؤون الجيوسياسية والاستراتيجيّة، نريدها كما شئت وشاء لك الهوى، فإن شركات الإنتاج، نضب نهر إبداعها وانقطع عن الخرير.

أمّا «رسالة الغفران»، القوة الإبداعية المعرّية، فسوف نطلب من الأستاذ التوليدي أن يحوّلها إلى مسلسل أو رباعية سينمائية أو ما طاب له. ولن نثقل عليه إذا أضفنا إلى القائمة «حيّ بن يقظان» لابن طفيل. أمّا الأعمال الروائية فستدخل عليها لمسات توليدية لتصير تفاعلية. يقول لنا أهل الميدان: إن خيال المتلقي سيكون له دور تفاعلي مع خيال الكاتب، ويذهبون في تصوير ذلك بأنه تغيّر في النموذج الفكري، أي الإطار الفكري لتلقي المادّة الإبداعية والتفاعل معها. ولكي لا يصاب المبدعون بالرعب، ويهدّئوا من روعهم، نعلمهم بأن موقع «تراست ماي ساينس» (ثِق بعلمي) لا يقصد إرهاب المبدعين، كتّاباً وتشكيليين وموسيقيين، حين ذكر أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، قد يحتل مستقبلاً «وظائف» أهل الإبداع، بإنتاج لا يتطلب سنين ولا يكلّف مالاً ولا عناء، بل يمكن إخراج الرواية بمئة طريقة في وقت قياسي.

لزوم ما يلزم: النتيجة النصحيّة: على شركات الإنتاج قبل الوداع أن ترينا نتفة إبداع، من باب: «يا رايح،كثّر الملايح».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4smmddwr

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"