الجامعات كمراكز للبحث العلمي

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

أليس العنوان هكذا أفضل من: «الاستثمار في البحث العلمي الجامعي»؟ كلاّ، ليس بأفضل، خشية أن يظن المشرفون على الجامعات العربية، أن في الأمر عتاباً مبطّناً مفاده: ما لكم يا معشر العرب لا تدجّجون التعليم الجامعي بمراكز البحث العلمي؟ قليلٌ على تلك المؤسسات أن تكون مجرّد مقاعد للدراسة، لا غير.

في العالم العربي جامعات مضى من عمرها أكثر من قرن، مثل جامعة القاهرة، الجامعة الجزائرية. الجامعات الأجنبية في لبنان تعود إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر. في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين ظهر عدد آخر من الجامعات في البلدان العربية. لكن البحث العلميّ لم يواكب مسيرة تلك المؤسسات منذ بداياتها. لك ألاّ تعير القلم كبير اهتمام، فهو يذهب إلى أن العلّة كامنة في العقل العربي، لكونه غيرَ ميّال منذ القرون الخالية إلى البحث العلمي. كأنه يقول: «وللناس في ما يعشقون مذاهبُ». يبدو أن الجامعات العربية الأقدم من غيرها، ترى أن الأقدمية تكفي لنيل مراتب المجد العلمي، لذلك لم تسْع إلى تطوير مناهجها وأساليب تدريسها. بل إن أنظمة التربية والتعليم العربية لم تخط خطواتٍ تُذكر على طريق التطوير منذ الابتدائيّة.

ولماذا نذهب إلى بعيد؟ فحتى الميراث الثقافي، بأوسع مفهوم، مطبوعه ومخطوطه، لم يغربل غربلةً كاملةً إلى يومنا هذا. الغريب هو أن المؤلفات العربية في نقد التراث تشكّل مكتبةً قائمةً بذاتها، ولكن ما الفائدة إذا كانت جاثمةً على الرفوف والغبار جاثم عليها؟ عليك تخصيص يوم أو أسبوع للتيه في مجاهل المواقع على الشبكة، وستكتشف أن أغلبيتها تبرهن لك على أن الأفكار النيّرة التنويريّة تذهب أدراج الرياح، ولا تبقى حتى في الأدراج. كيف ترجو بزوغ شمس العقل الناقد من تربية المخ المحشو على طريقة حاطب ليل لا يدري ما يجمع؟

لا أحد يطالب جامعات العالم العربي بأن تنافس «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» الأمريكيّ، في لمح البصر، فحتى الجامعات الأوروبية ليست ندّاً له، ولكننا نتمنى أن تسارع المؤسسات الجامعية العربية إلى إنشاء مراكز البحث العلمي في جميع التخصصات، وربطها بالتنمية في القطاعين العام والخاص، ومدّ جسور التعاون الوثيق مع كل نظيراتها العربية وغير العربية. بالمناسبة، المعهد المذكور حقق أحد مختبراته مؤخّراً إنجازاً شبيهاً بخيال الخيمياء، التي كان القدامى يريدون من خلالها تحويل المعادن الزهيدة إلى ذهب. أعضاء هذا الفريق (وثلاثتهم صينيون نجحوا في تحويل الغرافيت، الذي منه أقلام الرصاص، في المستوى النانوي (واحد من المليار من المتر) إلى معدن نفيس يشبه الذهب.

لزوم ما يلزم: النتيجة التخطيطيّة: مراكز البحوث الجامعيّة نهضة تنموية بلا نظير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/523pksbu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"