اتفاقيات سقطت

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

يُذكّر الانسحاب من الاتفاقيات التسليحية بين روسيا والغرب، بحقبة الحرب الباردة؛ إذ هناك توجه الآن لزيادة التسلح، في ظل الحرب الطاحنة بين موسكو ومعظم دول الغرب، وعلى رأسها أمريكا، والتي تُخاض على الأرض الأوكرانية، بشكل غير مباشر.

مؤخراً، انسحبت موسكو رسمياً من معاهدة أمنية تاريخية، فرضت قيوداً على القوات المسلحة التقليدية، والتي وُقعت عام 1990، بعد سقوط جدار برلين؛ كي تتيح التحقق من المعدات العسكرية التقليدية التي يمكن لحلف شمال الأطلسي وحلف وارسو نشرها، والتي حملت روسيا لاحقاً إرثها، ومنع أيّ من طرفي الحرب الباردة من حشد قوات، لشن هجوم سريع ضد الطرف الآخر، في أوروبا.

المعاهدة في الأساس لم تكن تحظى بشعبية في موسكو؛ لأنها تحدّ من ترسانتها العسكرية، وتجعلها محدودة في نطاق ضيّق؛ لذا عُلقت عام 2007، وأوقفت روسيا مشاركتها الفاعلة فيها عام 2015، قبل أن تبطلها، محمّلة أمريكا مسؤولية هذا المآل، مشيرة إلى أن واشنطن، وحلفاءها، لم يصدّقوا على المعاهدة المعدلة لعام 1999.

لكن في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة، انضمامها لقرار «الناتو»، تعليق جميع الالتزامات بالمعاهدة؛ رداً على روسيا، ليحرر القرار الثنائي، الطرفين من أي معيقات نحو بناء ترسانات عسكرية، لمواجهة كل منهما للآخر، كما علّقت روسيا مشاركتها في معاهدة «نيوستارت» المتعلقة بالحد من السلاح النووي.

التخلي الحاصل الآن، عن هذه الاتفاقيات، يوحي بأن الأمور تتجه إلى مزيد من غياب الثقة بين هذه الدول؛ إذ ثمة تحفزاً عسكرياً، والانسحاب الحاصل هو رسالة تشي بدرجة التوتر التي تشوب هذه العلاقات، خصوصاً أن جوهر هذه المعاهدات غير مطبّق على الأرض.

وفي ظل الشرخ الكبير بين الشرق والغرب، ثمة معاهدات واتفاقيات وأحلاف جديدة تعقد؛ إذ عززت موسكو علاقاتها الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية مع بكين، خصوصاً أن ثمة هدفاً مشتركاً يجمعهما، وهو تثبيت قطبيتهما عالمياً، ومواجهة المخاطر الغربية، وإفشالها.

بينما الغرب عمّق تحالفاته في العالم كله، كتوسيع حلف «الناتو»، أو التعاون العسكري المتعاظم مع الدول الآسيوية، مثل كوريا الجنوبية واليابان والفلبين؛ في إطار الحرب الباردة المحتدمة الآن.

العالم على فوهة بركان، فالأمور قد تتجه نحو تصعيد لا تحمد عقباها، وحرب عالمية لا تبقي ولا تذر، في ظل تصعيد عسكري، بانتظار خطأ ما؛ لذا فلا يبدو أن القادم سيكون أفضل في ظل هذه الاستقطابات التي تشبه إلى حد ما، أوضاع ما قبل الحرب العالمية الثانية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2c3xcjte

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"