عُقد في موسكو في الفترة من 22 إلى 24 نوفمبر المؤتمر الدولي الثامن "رحلة إلى عالم الذكاء الاصطناعي" (AI Journey)، والذي أصبح منصةً مهمة لمناقشة الوضع الحالي لقضايا الذكاء الاصطناعي.
ويركز الحدث على أحدث الإنجازات بما في ذلك مجال الشبكات العصبونية، ومساهمتها في الاكتشافات العلمية الجديدة، بالإضافة إلى دور الذكاء الاصطناعي في تطوير الأعمال والمجتمع ككل.
وشارك في المؤتمر أكثر من 200 متحدث بارز من روسيا والهند والصين والبرازيل وماليزيا وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة وجنوب إفريقيا ودول أخرى. إذ نوقشت فيه القضايا الأكثر إلحاحاً في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، والتي تؤثر في كل من المتخصصين والمستخدمين العاديين. ويهدف المؤتمر أيضاً إلى نشر الذكاء الاصطناعي بين جيل الشباب، وكان من بين المشاركين فيه تلاميذ المدارس الموهوبين الذين عرضوا مشاريعهم في مجال الذكاء الاصطناعي.
![AI journey](/sites/default/files/styles/default/public/2023-12/Herman%20Gref%20and%20Vladimir%20Putin%20at%20AI%20Journey%202023.jpg?itok=393kDh3G)
وكان مؤتمر "رحلة إلى عالم الذكاء الاصطناعي 2023" (AI Journey 2023) متاحاً للمشاهدة من أي مكان في العالم. حيث تم بثه بثلاث لغات: الروسية والإنجليزية، ولأول مرة باللغة العربية.
ويتمثل أحد أهداف المؤتمر في إخبار العالم بأن الذكاء الاصطناعي كأداة يمكن أن يساعد البشرية بشكل كبير في مختلف المجالات. إذ تسهم الابتكارات الجديدة بنشاط على تغيير حياة الناس نحو الأفضل. وبالتالي، دمج الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي في العديد من مجالات الاقتصاد والمجال الاجتماعي.
وكانت إحدى اللحظات البارزة في الحدث الذي استمرت فعالياته ثلاثة أيام هي مناقشة "ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي: آفاقٌ جديدة". والتي شارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث عرض رؤيته لتطوير الشبكات العصبونية في البلاد. وأدار المناقشة السيد غيرمان غريف، الرئيس ورئيس مجلس إدارة سبيربنك.
وأكد غيرمان غريف أن الخبراء يتوقعون ثلاثة مجالات رئيسية سيحقق فيها الذكاء الاصطناعي اختراقات كبيرة. وهي الرعاية الصحية والتعليم وإنشاء أنظمة إدارية جديدة.
إذ زادت نسبة الاستثمار في تطوير النماذج التوليدية وإنشائها، كما تقوم الشركات على نحو متزايد بالاستعانة بمصادر خارجية للعديد من المهام الروتينية والمتطلبة للذكاء الاصطناعي. فقد نجحت الشركات العالمية في استخدام الذكاء الاصطناعي في تنمية التجارة وتحسين الخدمات اللوجستية والعديد من المجالات الأخرى. ومن المثير للاهتمام أنه في الصين والهند، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بنجاح لزيادة الإنتاجية. بينما في ماليزيا، يراقب الذكاء الاصطناعي جودة السلع الاستهلاكية والأدوية والمنتجات.
وفي مجال البيئة، تحتل الشبكات العصبونية مكانة متزايدة الأهمية. وتشمل الأمثلة تطبيقاتها في إزالة الكربون وإعادة التشجير والإدارة الفعالة للنفايات. ومع ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيفية تقليل البصمة الكربونية لأنشطة نماذج الذكاء الاصطناعي ذاتها. ويكمن الحل في إعادة تدريب النماذج السابقة وإعادة استخدامها بدلاً من إنشاء نماذج جديدة من الصفر. فقد تم تأكيد أهمية ومشروعية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال حماية البيئة بشكل غير مباشر من خلال نتائج مسح استقصائي روسي أجراه سبيربنك ورامبلر آند كو (Rambler & Co). وتشير نتائج الاستطلاع بوضوح إلى ثقة الناس في الذكاء الاصطناعي في سياق المبادرات البيئية. إذ أبدى غالبية المشاركين في الاستطلاع ثقتهم بأن الذكاء الاصطناعي سيساعد البشرية في التغلب على التحديات المناخية. بما في ذلك التنبؤ بالكوارث الطبيعية والتغيرات والمخاطر، وحتى إنشاء مواد صديقة للبيئة.
بالإضافة إلى ذلك تلعب الشبكات العصبونية دوراً ضرورياً وهامًا في مجال الطب. على سبيل المثال، في روسيا، يستخدم الذكاء الاصطناعي بنجاح لتحليل صور الأشعة المقطعية والأشعة السينية والتصوير الشعاعي للثدي، وملء الوثائق الطبية تلقائيًا عن طريق الصوت، وكذلك لتشخيص الأمراض المختلفة.
![audience](/sites/default/files/styles/default/public/2023-12/Kandinsky%203.0%20introduction%20at%20AIJ%202023.jpg?itok=lWDdj8ma)
وهناك مجال آخر واعد لتطبيق الذكاء الاصطناعي وهو الإبداع والصناعة الإبداعية ككل. ففي المؤتمر قدمت شركة "سبير" نموذج Kandinsky 3.0 التوليدي. فهذه الشبكة العصبونية قادرة على فهم الاستعلامات النصية بشكل أفضل وتقوم حرفياً بإنشاء صور واقعية ولوحات ورسومات فنية في ثوانٍ معدودة. كما أنها مناسبة وعملية، والأهم من ذلك، أنها شبكة عصبونية مجانية للإبداع. هذه الشبكة العصبونية هي أداة مريحة وعملية والأهم من ذلك، أنها مجانية.
وقادرة على التفاعل بأكثر من 100 لغة وتقدم العشرات من الأنماط لإنشاء صور فريدة. والدليل الأكثر وضوحاً على ذلك هو Kandinsky Video الذي تم تقديمه كأول نموذج في روسيا لإنشاء مقاطع فيديو كاملة تصل مدتها إلى ثماني ثوانٍ، من قبل النائب الأول لرئيس مجلس إدارة شركة سبيربنك السيد ألكسندر فيدياخين. وستتيح هذه الشبكة العصبونية إنشاء مقاطع فيديو أصلية مجاناً. ووفقاً لصناع المحتوى، يفتح النموذج فرصاً واسعة للإبداع وحل المشكلات اليومية، ما يوفر للأشخاص طرقاً جديدة للتعبير عن أفكارهم وتنفيذها.
تم تدريب النموذج على 300 ألف زوج من مقاطع الفيديو المنشأة من خلال النصوص. ولا تستغرق عملية إنشاء مقاطع الفيديو أكثر من ثلاث دقائق. ويمكن تجربة ذلك عبر منصة fusionbrain.ai وفي Telegram bot .
أما بالنسبة لأولئك الذي يعملون على إنشاء المحتوى الموسيقي، فقد قدمت شركة "سبير" في المؤتمر نموذج لشبكة عصبونية أطلق عليها اسم GigaChat، واصفةً قدراته بالتفصيل. ومع ذلك، لا تقتصر وظائف GigaChat على المهام الإبداعية فقط. ففي الوقت الحالي، تستخدم هذه الخدمة بنجاح في القطاع المصرفي، حيث تقوم بأتمتة العمليات المختلفة بفعالية عالية. وهناك خدمة أخرى هي SberAnalytics، وقد حظيت بتقييم عالٍ من قبل رواد الأعمال، فهذه الوحدة قادرة على التنبؤ بالإيرادات بدقة مذهلة تصل إلى 90%.
![event](/sites/default/files/styles/default/public/2023-12/img_3179.jpg?itok=C6AyRj91)
أما فيما يتعلق بفوائد الذكاء الاصطناعي لمجموعات مختلفة من المستخدمين، فقد تم تجهيز GigaChat بوظيفة التعرّف على لغات الإشارة ونطق الكلمات بالأحرف - الدكتيل.
وبطبيعة الحال، كانت القضايا الأخلاقية في استخدام الذكاء الاصطناعي موضع اهتمام هي الأخرى في المؤتمر. إذ وقعت الشركات الأجنبية والروسية الجديدة على مدونة الأخلاق الوطنية. وتعمل السلطات والمنظمات الدولية بنشاط لضمان سلامة وسهولة استخدام الشبكات العصبونية للمواطنين.
ستلعب النماذج التوليدية في المستقبل دوراً متزايد الأهمية في حياة الناس وستصبح رفاقاً وشركاء موثوقين لهم. سوف يقومون بتبسيط الأنشطة المهنية والحياة اليومية، مع إتاحة الوقت للإبداع والتطوير الشخصي والتواصل.