مجرد صراخ

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

تقف الأمم المتحدة، وكل مؤسساتها، خاصة المعنية بالعمل الإنساني، عاجزة عن لجم إسرائيل في ما يتصل بممارساتها ضد الفلسطينيين في غزة، والتي تجاوزت ما اتفق على أنه حق لها في الدفاع عن نفسها بعد عملية «حماس» في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى انتهاج سياسة عقاب جماعي للمدنيين.

هذا العقاب الذي لا يميّز بين مسلح وأعزل، ويوغل في التنكيل بالغزيّين، ولا يزال الخوف من أن ينتهي بتهجيرهم قائماً، تقابله المنظمة الأممية ومؤسساتها بتصريحات صارخة بأنه لم يُبق في القطاع بقعة آمنة، وأن ضحاياه من الأطفال، في ثلاثة أشهر، فاقوا عدد من سقطوا في أوكرانيا خلال أكثر من عام.

بخلاف هذه التصريحات المتأسية على أوضاع الفلسطينيين في غزة، لا خطوات على الأرض لنجدتهم، ما جدد التأكيد على هشاشة القانون الدولي، وارتهان قوى بعينها له، تنفذه وقتما وحيثما تشاء.

واستدعى ذلك مطالبات متكررة بإصلاح المنظمات الدولية، أو إعادة هيكلتها، بما يضمن عدالة وتوازناً بين مكوّناتها، وتوحيد الرؤية للقضايا بغير انحياز لأطراف ما.

هذا الوضع المُختل ربما أراد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، تحريكه فقط، متأثراً بتفاقم الوضع في غزة إلى حدود مهددة للسلم في المنطقة، غير أن إسرائيل لم تحتمل ذلك، واعتبرت المسؤول الأممي الأبرز خطراً على السلام العالمي ومؤيداً ل«حركة إرهابية» لمجرد أنه لوّح في وجهها بطلب تفعيل مادة في ميثاق المنظمة يلفت النظر إلى التداعيات الخطرة للحرب على غزة.

وليس ذلك جديداً، فكل قرارات الأمم المتحدة بشأن النزاع العربي الإسرائيلي لا تقيم لها إسرائيل وزناً، وأية خطوة تراها ضدها تُخرج صاحبها من دائرة الرضا الأمريكي الإسرائيلي، كما فعلت مع بطرس غالي، بعد تقريره عن مذبحة قانا في 1996.

لا أحد يعلم مآلات هذه المواجهة بين إسرائيل وغوتيريش، فهو باقٍ في ولايته الثانية حتى 2026، لكن تزايد حدة ممارساتها ضد الفلسطينيين في غزة قد يسخّن خطابه ضدها، ورغم ذلك، سيبقى مجرد صرخات لرجل اقترب كثيراً من الآثار المدمرة للصراعات، حين كان مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين لعشر سنوات.

وأياً كانت النهاية، فإن القضية الفلسطينية، برمّتها، ستبقى أسيرة التجاذب في أروقة الأمم المتحدة التي لا تملك أكثر من إصدار قرارات يطويها النسيان، على كثرتها، فبين عامي 2015 و2022 أصدرت المنظمة 140 قراراً تنتقد إسرائيل من دون أن تغيّر في الأمر شيئاً.

وليس بوسع غوتيريش، ومن يأتي بعده، إلا الصراخ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2nxd85x4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"