عادي

سراديب تونا الجبل.. تبوح بأسرارها

22:56 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

تفتح منطقة تونا الجبل الأثرية بمحافظة المنيا، شهية الباحثين والآثاريين على حد سواء، بما تكشف عنه كل فترة من كنوز، الأمر الذي يجعلها واحدة من أهم المناطق الأثرية في مصر الوسطى.

تبعد منطقة تونا الجبل عن مدينة ملوي، حوالي 20 كيلومتراً من ناحية الغرب، وتعد واحدة من أقدم القرى التي عرفتها مصر في العصور السحيقة، واكتسبت أهمية كبرى، لدى العديد من الأسر الفرعونية التي حكمت مصر، حتى أنها اختيرت في العصر المتأخر، لتضم مقابر الإقليم الخامس عشر، نظراً لطبيعتها القاسية، وبُعدها عن مجرى فيضان النيل، وصعوبة وصول نباشي القبور إليها، وقد أطلق عليها في هذا الزمان السحيق، اسم «تاونت» أي أرض البركة، قبل أن يُحرَّف الاسم إلى «تونا» ويضاف إليه الجبل، نظراً لوقوعها في أحضان أحد الجبال التي تنتصب بمحاذاة محافظة المنيا من ناحية الصحراء.

تحفل المنطقة الجبلة المتاخمة لتونا الجبل، بعشرات من السراديب المحفورة في باطن الجبال، وهو ما يضفي عليها مزيداً من الغموض، لم تبدده بعد عشرات من الاكتشافات الأثرية التي أعلن عنها مؤخراً في مصر، إذ يرجع تاريخ حفر كثير من هذه السراديب إلى عهد البطالمة، وهو ما كشفت عنه بعثات أثرية عدة عملت في المنطقة، وعثرت بها على عشرات من المقابر الخاصة بالطيور والحيوانات المقدسة، قبل أن تتوصل إحدى البعثات الأثرية العاملة في المنطقة قبل عقود، إلى مقبرة كبير الكهنة «عنخ حور»، والذي يصنف باعتباره واحداً من أهم كهنة المعبد في العصر الفرعوني القديم، إذ كان يعد الكاهن المسؤول عن تطهير وتحنيط وتكفين ودفن تلك الطيور، ويتولى القيام بالطقوس الجنائزية أثناء أعمال الدفن، ويقول آثاريون مصريون، إن عنخ حور ربما يكون الآدمي الوحيد، الذي دفن في سرداب بناء على طلبه.

يطلق الآثاريون المصريون على سراديب تونا الجبل، اسم معبد الأرواح السامية، بعدما كشفت الحفريات في المنطقة، عن العديد من مقابر الطيور والحيوانات، وفق الميثولوجيا الفرعونية القديمة.

وقبل أسابيع أعلنت وزارة السياحة والآثار في مصر، عن العثور على جبانة ضخمة تخص كبار موظفي وكهنة الدولة الحديثة، في منطقة تونا الجبل، وكان لافتاً عثور البعثة المصرية العاملة في المنطقة، على العديد من المقابر المنحوتة في الصخر، وبداخلها مئات من اللقى الأثرية، التي تراوحت ما بين التمائم والحلي والتوابيت الحجرية والخشبية التي تضم مومياوات، بالإضافة إلى مجموعة من تماثيل الأوشابتي المصنوعة من الفخار والخشب، لبعض كبار الموظفين في الدولة القديمة، مثل «جحوتي مس» الذي يحمل لقب المشرف على ثيران معبد آمون، والسيدة «ناني» التي تحمل لقب منشدة جحوتي.

ويقول د. مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إنها المرة الأولى التي يتم العثور فيها على جبانة تخص الدولة الحديثة، بالإقليم الخامس عشر من أقاليم مصر العليا، حيث تم العثور من قبل على جبانات كل من الدولة القديمة وعصر الانتقال الأول والدولة الوسطى لهذا الإقليم، شرق النيل في منطقة الشيخ سعيد، ودير البرشا، وكانت عبارة عن مقابر صخرية تخص حكام الإقليم وكبار الموظفين.

لم تتوقف الاكتشافات الأثرية في تونا الجبل عند حد العثور على تلك السراديب الغامضة والمقابر المنحوتة في الصخر، لكنها امتدت للكشف عن أول بردية كاملة، تم العثور عليها في منطقة الغريفة، وهي تعد الأضخم بين البرديات التي عثر عليها خلال القرن المنصرم، إذ يبلغ طولها ما بين 13 إلى 15 متراً تقريباً، وتضم البردية النادرة نصوصاً من كتاب الموتى، وتتميز بأنها في حالة جيدة من الحفظ، وهو ما دفع وزارة السياحة والآثار في مصر، إلى ضمها للمقتنيات المقرر عرضها بالمتحف المصري الكبير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2r95j2xc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"