عادي
بحضور 500 شخص للأمسية الغنائية

مكتبة محمد بن راشد تحتفي بذكرى ميلاد «أم كلثوم»

19:46 مساء
قراءة 5 دقائق
كتب فعالية أم كلثوم
د. محمد المزروعي

دبي: مها عادل

نظّمت مكتبة محمد بن راشد، على مدار يومين من السرد الأدبي والموسيقى والإبداع، فعالية «أيام أم كلثوم»، احتفالاً بمرور 125 عاماً على ميلاد «أم كلثوم»، كوكب الشرق الفنانة المصرية الكبيرة. وشهدت سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية التي تُبرز إرث الفنانة الراحلة «أم كلثوم»، ومشاركة واسعة وتفاعلاً كبيراً من أعضاء مجلس إدارة المكتبة وكبار المسؤولين والجمهور من مختلف الأعمار، بحضور 500 شخص للأمسية الغنائية.

قال د. محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة مؤسسة المكتبة: إن «هذه الفعاليات تشكل جزءاً لا يتجزأ من رؤيتنا الاستراتيجية في المكتبة، حيث نؤمن بأن إحياء إرث الأيقونات الثقافية مثل «أم كلثوم» يعزز الوعي الثقافي ويعيد تنشيط الهوية والذاكرة العربية»، مضيفاً أن «هذه الفعاليات تمثل جسراً بين الماضي العريق والمستقبل الواعد، حيث نسعى لتعزيز دور إمارة دبي كمركز للإبداع والمعرفة، مشجعين الأجيال الجديدة على الارتقاء بالفن والثقافة العربية، بما يتماشى مع رؤية القيادة للنهضة الثقافية خلال الخمسين عاماً المقبلة».

وتابع: «ملتزمون بدعم وتشجيع الحوار الثقافي، والمساهمة في تعزيز المشهد والحراك الثقافي برؤى جديدة تقود النهضة التنموية الشاملة على المستوى الوطني».

وتضمنت الفعالية في اليوم الأول تنظيم جلسة حوارية لمناقشة كتاب «أم كلثوم في أبوظبي» لمحمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم. وأثرى الجلسة الحوارية مشاركة الأديب عبد الغفار حسين والكاتب ناصر عراق، بينما أدارت الجلسة الإعلامية منى الرئيسي. وتناولت الجلسة تاريخ حياتها ومسيرتها الفنية مع التركيز على قدرتها الفريدة على التأثير في الجماهير وإحياء الهوية الثقافية العربية بصوتها المميز والرائع.

وسلط عبد الغفار حسين الضوء على اللحظات والمواقف المؤثرة التي تناولها الكتاب عن زيارة «أم كلثوم» إلى أبوظبي بدعوة كريمة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقدماً للحضور لمحات مميزة حول هذا الحفل الغنائي الرائع في أبوظبي، والذي يظل من أروع اللحظات التي جمعت أهل الفن والمثقفين في تجربة فنية كلاسيكية متفردة.

وفي رؤية فنّية أخرى، شارك الكاتب ناصر عراق في رسم ملامح من حياة «أم كلثوم» الفنّية، مبرزاً تذوقها الفريد للفن الذي جعلها تختار أجمل القصائد وتقدمها للعالم العربي والعالم أجمع. كما أثنى الحضور على رقي اختيارات «أم كلثوم» الموسيقية والكلمات المتفرّدة التي غنتها.

وفي لفتة توثيقية، أشاد الضيفان بدور محمد أحمد المر، مؤلف الكتاب، في توثيق هذه اللحظات الثمينة والمحطات الفارقة في كتابه عن حياة كوكب الشرق، حيث شارك الجمهور تفاصيل جديدة ومهمة كدورها في صياغة ذائقة فنية فريدة أمتعت الجمهور على اختلاف أعمارهم.

وعلى هامش الفعالية تحدث عبد الغفار حسين ل«الخليج» عن أهم ذكرياته لهذا الحفل الذي قدمته كوكب الشرق في أبوظبي وهو يعتبر أحد شهود العيان عليه، وقال: ما زلت أحتفظ بملامح هذا الحفل في ذاكرتي، حيث أذكر أن «أم كلثوم» تم استقبالها بحفاوة شديدة، فهي تحتل مكانة كبيرة عند أهل الإمارات، كما أذكر أنها كلما كانت تغني في كل وصلة غنائية كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يصفق تحية لها ومعه كل الحضور، ولهذا يعتبر كتاب محمد المر عن هذه الزيارة وثيقة مهمة، فهو كتاب توثيقي من المقام الرفيع، حيث وثق زيارة «أم كلثوم»، ولولا ما تكفل به محمد المر لضاع الكثير من التفاصيل التي ارتبطت بهذه الزيارة، فهو كاتب متخصص في مجال التوثيق، وقد بذل جهداً كبيراً في هذا العمل التوثيقي، وسبق أن كتب كتاباً عن تاريخ زنجبار وكان توثيقاً مهماً لها. وأنا أعتبر أن «أم كلثوم» تحتل المكانة الثانية في تاريخ العرب بعد سلامة القس في العهد الأموي.

وقال الكاتب المصري ناصر عراق ل«الخليج»: «من حسن حظي أنني شاركت في متابعة تنفيذ هذا الكتاب من الألف إلى الياء، منذ أن كان مجرد فكرة في عقل محمد المر، وهو جمع أكثر من 300 صورة فوتوغرافية للزيارة وتمت تغطيتها صحفياً، وتشرفت بكتابة الفصل الثاني منه، وهو الكتاب الوحيد الذي يوثق رحلة ل«أم كلثوم» خارج مصر، وهذا جزء من عظمة الكتاب الذي عملنا فيه عامين كاملين وخرج للنور في معرض أبوظبي للكتاب عام 2018. وهذه الأمسية المهمة تحتفي بتأثير «أم كلثوم» الفني والثقافي الذي سيظل موجوداً إلى الأبد».

ويتابع: «خلفية هذه الزيارة التاريخية بدأت عندما كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في القاهرة في إبريل 1971 في زيارة للرئيس السادات، فأرسل للسيدة «أم كلثوم» دعوة رسمية لإقامة حفلتين بمناسبة العيد الخامس لجلوس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في أبوظبي، وإعلان الدولة في ديسمبر، فوافقت على ذلك، وكان لقب الشيخ زايد الذي ذكر في الدعوة هو (عظمة حاكم أبوظبي) وحضرت كوكب الشرق يوم 26 نوفمبر ومعها الموسيقيون ووفد إعلامي، وأحيت الحفلة الأولى يوم 28 نوفمبر، وحضرها الشيخ زايد والشيخ خليفة، وغنت فيها أغنيتين هما «أغداً ألقاك» و«الحب كله»، والحفلة الثانية كانت يوم 30 نوفمبر وغنت فيها «ليلة حب» و«القلب يعشق كل جميل» ودعاها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى قصره وأهداها قرطاً فاخراً من اللؤلؤ ثمنه أكثر من 300 ألف دولار، وأقامت الشيخة فاطمة مأدبة عشاء على شرفها، كما أقامت وزارة الدفاع حينها مسرحاً يسع 4000 متفرج وتوقف المرور في المدينة».

وتابع: «يتكون الكتاب من أربعة أقسام أو فصول، كتب القسم الأول محمد المر باقتدار وإبداع، ونقل فيه تفاصيل الرحلة من القاهرة إلى أبوظبي، ثم كتبت أنا فصلاً أرصد فيه سيرة «أم كلثوم» الفنية الموجزة كمبدعة لا مثيل لها، وهي الفنانة الوحيدة التي عندما دخلت المستشفى في مرضها الأخير كانت نشرات الأخبار تحتوي فقرة يومية عن تطور حالتها الصحية، وعندما توفيت في 3 فبراير 1975 تم تأجيل جنازتها لحين حضور الرؤساء والحكام من كل مكان، الفصل الثالث كان عن حفلات «أم كلثوم» خارج مصر، وكتبه إلياس سحاب المؤرخ الموسيقي اللبناني الكبير، حيث رصد 50 حفلة أحيتها «أم كلثوم» في تاريخها خارج مصر، وآخر حفلة كانت في أبوظبي، وأول حفلة كانت في فلسطين عام 1928، وكانت حفلاتها الخارجية تحظى دائماً بحضور صفوة رجال الأدب والسياسة والمجتمع، أما القسم الرابع فتضمن تحليل الدكتور أحمد إبراهيم المطرب والموسيقار عن فنيات الألحان والمقامات الموسيقية، وحلل الأغاني الأربعة التي غنتها في أبوظبي».

وقال د. محمد المزروعي، عضو مجلس إدارة مؤسسة المكتبة: «الفعالية تعد مهرجاناً يعكس التنوع والغنى الثقافي في دبي، فهي لا تقتصر فقط على تكريم إحدى أعظم الفنانات في العالم العربي، بل تمتد لتشمل تعزيز التفاعل الثقافي والمعرفي بين مختلف الأجيال والجنسيات. الحدث يُبرز أهمية التراث الفني العربي ويفتح الباب للحوار بين الثقافات، حيث يجمع الناس من مختلف الخلفيات للاستمتاع بالموسيقى، والفن، والتاريخ العربي. كما أنها تشكل منصة مهمة لاستلهام الإبداع والعطاء من قصة حياة «أم كلثوم» وإنجازاتها، إضافة إلى المساهمة في تحفيز النقاشات والحوارات الثقافية لتكون عنصراً محورياً في دعم وتعزيز الحراك الثقافي والفني في دبي».

وتضمن اليوم الثاني أمسية غنائية قدمتها الفنانة نرمين وهبة، حيث شهدت حضور أكثر من 500 شخص، وتميزت بالألحان الموسيقية والكلمات الرائعة لأروع ما قدمته «أم كلثوم» للجمهور في حياتها. وتعكس هذه الفعالية أهمية إرث الفن العربي الكلاسيكي من خلال الجمع بين الجمال الأدبي والإبداع الفني.

وشهدت الأمسية مشاركة فنانين تشكيليين، حيث أضافوا لمساتهم الفنية الخاصة من خلال الرسم الحي، ما أضفى على الفعالية جاذبية فنية لا مثيل لها، إضافة إلى معرض كتب مميز يحكي عن «أم كلثوم» وحياتها وفنها وتأثيرها على الساحة الغنائية العربية، من بينها كتب «أم كلثوم في أبوظبي»، و«أنا والعذاب وأم كلثوم»، و«كان صرحاً من خيال»، وكتاب «أم كلثوم صوت في تاريخ الأمة»، وغيرها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/36aemrvb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"