خورفكان.. لنا عودة

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

تدخل في مساحة من الهدوء، على امتداد سلسلة من جبال، وتقاطعات وزوايا، تعلن لك الخروج من عنق المدينة المزدحمة، الملأى بضوضاء الحياة، إلى ساحل منعش منغمس في العزلة الاختيارية، ومنبثق من حياة سهلة تعيد الذاكرة والروح إلى توازن مفقود، شامخة كشموخ جبالها، ومرحبة كجمال قلب أبنائها، تعانق السحب، بخشوع الأصالة.

هي الاستفزاز لمن يحتاج أن يعيد إلى قلمه الحياة، والمرتفب الذي يتوق للقياها. مدينة حين تدخلها ستشعر بأنك في زمن جميل وأن في هذه الحياة ما يستحق أن يفوق الماديات.

خورفكان، لم أدخلها منذ أعوام، وإن دخلتها فلأيام معدودات، كانت زيارات عابرة، ولا تزال في النفس حاجة ملحّة للانغماس في سكونها، وجوّها الذي أخذنا لساعات بعيدة من ضوضاء داخلي. أعاد لي تلك الرغبة في أن أكتب، وأستشعر جمال ما يمرّ بي في عفوية التفاصيل، ليست سوى التقاطات وأنغام ومسرات، ذلك الركن الذي افتقد في داخلي، ركن التأمّل والتفكّر والاستمتاع. وكيف هي الساعات جميلة في صحبة مختلفة في فكرها وحياتها، تطلعاتها واختياراتها. هي الاختلافات التي تكملني، وهي العقول التي تختلف معي لنضجها، وهي السمات التي لا تنقص مني شيئاً إن اعترفت بها.

في رحلة الساعات القصيرة، كان الأفق البعيد قريباً، وكانت الكلمات التي هربت مني تعود. كان الفرح في داخلي يشبه طفلة أهديت لعبة كانت أمنيتها، هي السعادة التي لا تكلّف فيها ولا ازدحام، إغماضة العين والسرحان البعيد إلى المطلق، وهي أنت وفي المسارات خفقان قلب متيّم، في ريشته ترنّحت حروف العشق أشعاراً وبحاراً.

نحن بشر، خلقنا الله وخلق ما نحتاج إليه، وكيف أن الاتصال بالطبيعة حاجة أبدية ودائمة، ندخل في ملكوت الله الذي يسبّح ليلاً ونهاراً. ندخل في جوف الليل، ومساحة الشجر، فنكون جزءاً من عالم كبير يذكر الله ويسبّحه.

الماضي كان مفتوحاً، وبيتاً كبيراً متصلاً بالبحر والجبل والصحراء. كانت النفوس في اتساع، والشجون والهموم في انحسار، كان المدّ جميلاً والجزء مرتقباً، والحب في كل ميلاد، وربوة، كانت البيوت صلاةً وأفراحاً وأهازيج.

كان اللسان العربي جزءاً من توليفة الحفظ وفرحة الختمة، والحرفة بيتاً للمشاعر التي تهدي المشتري سماء من قبول في الأرض.

كل قصة أصبحت في متحف قصة زمن جميل رأيته في كل مكان زرته، الأحياء القديمة، متحف الحرف، البحر والجبل، وكل أكلة خفيفة تلذّذت بها أشبعت فيّ إحساساً افتقدته زمناً..

شكراً لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شكراً خورفكان، لايزال القلب عطشاً، ولي عودة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/8uf6e5mx

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"