جدلية «حل الدولتين»

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

في سياق الحديث الدائر بشأن ما يسمى اليوم التالي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عاد الجدل حول «حل الدولتين» إلى الواجهة، رغم أن الحرب نفسها لم تنتهِ بعد، وأن طرح الحلول يقترن اقتراناً مباشراً بالنتائج المترتبة عليها.

إذا كان صحيحاً أن هذا الملف فجّر خلافاً تكتيكياً بين واشنطن وتل أبيب، فإن ذلك لا يعني بأي حال تخلي الولايات المتحدة عن دعم إسرائيل باعتبارها جزءاً أساسياً من المنظومة الغربية على الصعيد الدولي. وبالتالي فإن هذا الخلاف يرتبط بالحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة، ويبقى محصوراً مع حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة نتنياهو الذي يعارض قيام دولة فلسطينية، ويصرّ على استمرار الحرب لأسباب سياسية وشخصية، أصبحت معروفة للجميع، فيما ينطلق اليمين المتطرف في رفضه ل «حل الدولتين» من أسباب دينية وأيديولوجية.

وعلى الجانب الآخر، يتمسك الفلسطيني ب «حل الدولتين» كحد أدنى من التعويض عن حقوقه المشروعة في أرضه التي سلبت منه في نكبة عام 1948، وتحقيق حلمه في الحرية والاستقلال. لكنه يدرك أيضاً أن الدولة التي كتبها على الورق محمود درويش في وثيقة «إعلان الاستقلال» عام 1988، لن تتحقق عبر التسويات والتقاطعات الدولية، ما لم يتم تعديل موازين القوى على الأرض، وعندها فقط تصبح إمكانية واقعية. وبالتالي فإن عودة طرح الإدارة الأمريكية لهذا الخيار، تثير الشكوك، خصوصاً أنها غير قادرة على فرض وقف إطلاق النار، فكيف يمكنها فرض دولة فلسطينية ترفضها معظم القوى السياسية الإسرائيلية؟ وكيف يمكن للاتحاد الأوروبي الذي تبنى «حل الدولتين» منذ عقود، وظل يتحدث عنه طوال الوقت من دون أن يفعل شيئا، كما ما قال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد، أن يعيده للحياة؟. وكأنه يصحو من غفلته على وقع تأنيب الضمير، فيضع خطة، أو خريطة طريق تتضمن مؤتمراً دولياً للسلام يفضي إلى قيام دولة فلسطينية، وهو يدرك أن ما ترفضه إسرائيل من الولايات المتحدة لن تقبله من الأوروبيين. ولعل الجواب الإسرائيلي كان حاضراً، على لسان وزير الخارجية يسرائيل كاتس، حينما اقترح على الأوروبيين أن يقوموا ببناء جزيرة للفلسطينيين في البحر المتوسط.

بهذا المعنى، فإن جدية الطرح الغربي بشأن إقامة دولة فلسطينية ستبقى معلقة على نتائج الحرب، التي إما أن تفرض على عواصم الغرب المضي قدماً في هذا الخيار، أو تعيد وضعه على الرف حتى إشعار آخر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/y9j4yydn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"