«الأونروا» الشاهد والشهيد

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

تطرح الحملة الإسرائيلية على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أسئلة كثيرة حول الأهداف الحقيقية من إقحامها في أحداث السابع من أكتوبر، سعياً لتجفيف موارد تمويلها وتصفيتها وإنهاء دورها ليس في قطاع غزة فحسب، وإنما في كافة أماكن اللجوء داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها.

منذ سنوات طويلة، دأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على القيام بمحاولات متعددة، لإنهاء دور هذه الوكالة الأممية وتصفيتها نهائياً باعتبارها الشاهد الوحيد على مأساة اللجوء الفلسطيني، لكنها أخفقت في ذلك، وإن نجحت في إدخالها في أزمات مالية متلاحقة، كان أهمها قيام الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب بقطع التمويل كلياً عنها، قبل أن تعود إدارة بايدن الحالية بإعادة هذا التمويل جزئياً لها بواقع 100 مليون دولار.

ومعروف أن الولايات المتحدة كانت تتحمل نحو ثلث ميزانية هذه الوكالة. اليوم سارعت الولايات المتحدة لوقف هذا التمويل، وتبعتها العديد من الدول الغربية، لمجرد ادعاء إسرائيل بأن عدداً من موظفي الوكالة شاركوا في أحداث 7 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، من دون أن يكون هناك أي تشكيك في الرواية التي صاغتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أوانتظار تحقيق دولي في هذه الاتهامات. وهو ما يُثير الكثير من التساؤلات حول أخلاقية الغرب وازدواجية المعايير التي ينتهجها، إذ إنه لم يحرك ساكناً لمقتل أكثر من 150 موظفاً في هذه الوكالة أومقتل نحو 27 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة. ومع ذلك، يبقى السؤال، لماذا يتم إقحام «الأونروا» في هذا التوقيت بالذات، وبعد يوم واحد من صدور قرارات محكمة العدل الدولية، التي اعتمدت في حكمها على الكثير من تقارير وبيانات وكالة «الأونروا» والمنظمات الأممية الأخرى؟

ولماذا يتم فرض عقاب جماعي على الفلسطينيين على الرغم من إمكانية معاقبة المتورطين المفترضين، وفي لحظة يئن فيها سكان قطاع غزة تحت وطأة المجاعة والكارثة البيئية والصحية؟ ولماذا يترافق ذلك مع شيطنة الوكالة الأممية وتصويرها على أنها حاضنة للإرهاب، وأن مدارسها تقوم بتعليم طلابها «الإبادة»؟ وهل لذلك علاقة بمعاقبة الأمم المتحدة والتشكيك في قرارات محكمة العدل الدولية، حيث سبق أن طالبت إسرائيل باستقالة الأمين العام للأمم المتحدة، لمجرد أنه قال: «إن غزة تحولت إلى مقبرة للأطفال»، وطالب بوقف فوري إنساني لإطلاق النار، وها هي اليوم تطالب باستقالة المفوض العام للأونروا لمجرد أنه ينتمي إلى هذه المنظمة الدولية؟

أسئلة كثيرة في الواقع، لكن ثمة ما يشي بأن المسألة تتعدى ذلك إلى انتهاز «الفرصة» المتاحة، للتحريض على تصفية الوكالة وإلغائها نهائياً، حيث ظلت هذه الوكالة التي تأسست منذ عام 1949 مرتبطة بقضية اللاجئين وحق العودة وفق قرار صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة آنذاك، وهو ما ظل على الدوام يثقل كاهل إسرائيل باعتبار أن اللاجئين وحق العودة هما جوهر القضية الفلسطينية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/fzfcxfp9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"