عادي
الذكاء الاجتماعي

كن خلوقاً

23:17 مساء
قراءة 3 دقائق
1
سالم بن ارحمه الشويهي

د. سالم بن ارحمه
من قواعد بناء العلاقات الاجتماعية الناجحة التحلي بالأخلاق الحسنة.

قال أبو حاتم، رحمه الله: «حُسن الخلق بذل اكتساب المحبة، كما أن سوء الخلق بذر استجلاب البغضة، ومَنْ حَسُنَ خلقه صان عرضه، ومن ساء خلقه هتك عرضه؛ لأن سوء الخلق يورث الضغائن، والضغائن إذا تمكنت في القلوب أورثت العداوة».

والمرءُ بالأخلاقِ يسمو ذكْرهُ

وبها يُفضلُ في الورى ويوقرُ

قال ابن القيّم رحمه الله: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف وحب الخير لهم، فإن معاملة الناس بذلك إما أجنبي فتكتسب مودّته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومودّته، وإما عدوٌّ مبغض فتُطفئ بلطفك جمرته وتستكفي شره».

وكلما ﺧﺎﻟﻄﺖ اﻟﻨﺎس ازددت يقيناً أن «اﻷﺧﻼق كالأرزاق؛ النّاس فيها بين غنيٍّ وفقير».

وفي الأثر: «إنَّ اللهَ قسمَ بينَكُمْ أخلاقَكمْ كما قسمَ بينَكمْ أرزاقَكم».

وأحسن حافظ إبراهيم، شاعر النيل، حين قال:

فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً

فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ

فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا

عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ

لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ

ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ

فحسن الخلق من أعظم ما يتّصف به الإنسان؛ لأنّ الأخلاق الحسنة هي معيار التفاضل بين الناس، وهي الأساس في بناء المجتمعات الفاضلة، كما أنّ حسن الخلق دليلٌ على التربية السليمة وقوّة الوازع الديني، ومن جميل ما قيل: «اجعل من يراك يدعو لمن ربّاك».

والأخلاق الحسنة هي مدعاة للفخر، وحُجّة قوية لصاحبها، ومن كان لديه خلق حسن لا يعيبه أي شيء؛ لأنّ الأخلاق الحسنة مفتاحٌ للأبواب المغلقة، وطريقٌ للسعادة والأمان، فقيمتك بأخلاقِك!

إذا كان حُسن الوجهِ يُدعى فضيلةً... فإنّ جمال النّفسِ أسمَى وأفضَلُ

رأى شيخ كبير شاباً متحمساً لنيله شهادة التخرج فقال له: «يا ولدي ترى شهادتك لك، لكن أخلاقك للناس! فحافظ على أخلاقك قبل علمك».

ما قيمةُ العلم والأخلاقُ غائبةٌ

ما الشهادةُ إن كانت بلا أدبِ؟

ما جَمّلَ العلمُ مَن بانتْ قبائحُهُ

وإن تَزَوّدَ بالتعليمِ والكتبِ

ليسَ الجمالُ بأثوابٍ على بدنٍ

إنَّ الجمالَ جمالُ العلمِ والأدبِ

قال عمر، رضي الله عنه، لقبيصة بن جابر: «إن الشاب يكون فيه تسعة أخلاق حسنة وخلق سيّئ، فيُفسِد الخلق السيّئ الأخلاق الحسنة، فإيَّاك وعثرات الشباب».

وكما يصاب بعض الناس بأمراض عضوية أو نفسية، فهناك من يصاب بأمراض في أخلاقه، فإذا رأيت مريضاً في أخلاقه فادعُ له بالشفاء، واحمدِ الله على العافية

فالخلق الحسن هو حياة الأفراد والأمم والمجتمعات، ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي الذي دعا إلى صلاح الأخلاق في كثير من قصائده، ومنها قوله:

وإنّما الأمَمُ الأخلاقُ ما بقيتْ

فإنْ هُمُو ذهَبتْ أخلاقُهُمْ ذَهَبُوا

وقال أيضاً:

وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقِهمْ

فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا

فالأخلاق هي أساس الحضارات والرقي والازدهار. والأخلاق تفتح لصاحبها قلوب الناس، وأبواب النجاح، فعطر الأخلاق لا تنقطع رائحته.. فما أجمل أن تسير بين الناس، ويفوح منك عطر أخلاقك

إنّي شَممتُ من العطورِ جميعها

وعَرفتُ أطيبَها على الإطلاقِ

كلُّ العطورِ سينتهي مفعولُها

ويدومُ عطرُ مكارمِ الأخلاقِ

قال الشيخ ابن سعدي، رحمه الله تعالى: «بحسن الخلق تحصل للعبد الحياة الطيبة العاجلة والآجلة».

وللأخلاق مراتب في الدنيا، فكلما زادت أخلاقك، زاد قدرك بين الناس، فكُن راقياً في تعاملك، ترَ تقبُلاً عجيباً.

وقال الحسن البصري رحمه الله: «ابن آدم، اصحب الناس بمكارم الأخلاق؛ فإن البقاء فيهم قليل»، أي: بقاؤك معهم في هذه الدنيا قليل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ya6szve6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"