آفاق الحرب على غزة

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

تجاوزت أيام الحرب على غزة ال220 يوماً، والمذبحة لا تزال على أشُدها، فعَداد الضحايا يرتفع بلا هوادة، ليقارب ال36 ألفاً، بينما الجرحى بعشرات الآلاف، فضلاً عن آلاف المفقودين الذين باتوا - في أغلب الظن - ضحايا تحت الأنقاض، وعلى الرغم من ذلك، فإن آلة الحرب الإسرائيلية ماضية في استخدام أعتى الأسلحة، وكأنها تقاتل دولة نداً، فتمارس سياسة الأرض المحروقة في أكثر منطقة اكتظاظاً بالسكان في العالم، وتلقي بآلاف الأطنان من المتفجرات، وتجرف المنازل والخيام، وتقتل كل ما يتحرك، فضلاً عن سياسة القتل بالتجويع، ومنع الطبابة والعلاج عن الناس.

لا يبدو في الوقت المنظور أن ثمة أفقاً لحل ما، فحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، غير معنية بأية مبادرات أو وساطات، وهي ترى أنها أمام فرصة تاريخية، لتصفية القضية الفلسطينية في الضفة الغربية والقطاع، وتحطيم أية أحلام تراود الفلسطينيين بدولة أو حتى كيان حكم ذاتي، فهذا خط أحمر وضعته تل أبيب لنفسها، في حين أن استمرار الحرب له أبعاد أخرى، ويتعلق بفشل تحقيق أي منجز عسكري حقيقي، و«النصر المطلق» الذي يتحدث عنه نتنياهو يبدو بعيد المنال. فالفصائل لا تزال تتصدى، والتهجير فشل، واستعادة الرهائن بالقوة صارت مجرد أمنية ؛ لذا فإن إيقاف الحرب بالنسبة لإسرائيل الآن، يُعدُّ هزيمة استراتيجية لم تذقها من قبل، وعلى صعيد آخر، فإن نتنياهو يرى أنها حرب شخصية، لأنه كما فشل في وضع تصور لليوم التالي لغزة بعد الحرب، فإنه أيضاً يتخوف على مصيره في اليوم التالي لإنهاء المعركة؛ حيث عجز عن إقناع الجمهور الإسرائيلي ببراءته حول التقصير في التصدي لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ لذا فإن إطالة أمد المذبحة، تعني بقاءه في الحكومة، وتأجيل استحقاق محاسبته.

الرهان على اقتناع إسرائيل بوقف الحرب، رهان خاسر، وما من خيار سوى إجبارها على ذلك، من خلال إشعارها بأن ثمن الاستمرار في الحرب أكبر بكثير من وقفها، ومن هذا المنطلق، فإن تل أبيب غير معنية بالعودة عقوداً إلى الوراء، عندما كانت تعيش في وسط عدائي بين جميع ممن هم حولها، فهي ليس في حسبانها معاداة الجميع، لأن ذلك سيكون ضرباً من الجنون وأكبر فشل سياسي في تاريخها؛ لذا فإن الحل الأمثل يكون بإصرار عربي متكاتف، يضغط في اتجاهين، الأول على الولايات المتحدة، لإجبار «ابنتها المدللة» على وقف الحرب، والثاني على إسرائيل لإيصال رسالة لها، بأنها ستكون في وضع منبوذ إذا لم تجنح للسلم.

تكثيف الضغط العربي المتكامل بدعم من الرأي العام العالمي والقوى الداعمة للقضية الفلسطينية، وهي كثيرة، قد تكون كلمة السر، لأن هؤلاء جميعاً يمتلكون الكثير من الأوراق المؤثرة، كي تذعن إسرائيل ليس لوقف الحرب فحسب؛ بل وقبول دولة فلسطينية ذات سيادة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/suska4n6

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"