عادي
صدر في الشارقة

«بنات واق واق»..قصص ترتدي ثوب الحكمة

15:38 مساء
قراءة 5 دقائق
د. عبد العزيز المسلم - غلاف
  • الناشر: معهد الشارقة للتراث
الشارقة: عثمان حسن
يدون الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، في كتابه «بنات واق واق وحكايات أخرى»، 30 حكاية شعبية من كافة أرجاء الإمارات، كان المؤلف قد سمعها في أزمان وأوقات مختلفة، من رواة مختلفين، فحفظها وتداولها في كثير من المناسبات، سواء في محاضراته أو مع العائلة أو الأصدقاء، وهو يقدمها في كتابه بلغته وأسلوبه الخاص كراوٍ جديد، بهدف إثراء المخيال الشعبي لدى الجيل الجديد وربط هذا الجيل بموروثه التقليدي وما فيه من إيجابيات وحكمة وقيم يحسن الاقتداء بها.
صدر الكتاب عن معهد الشارقة للتراث، وجاء في 393 صفحة من القطع الكبير، وصمم رسوماته كل من: نور الكثيري وياسر حمد، أما الحكايات التي تضمنها الكتاب فهي على التوالي: (حكمة امرأة، نصيب الحطاب، البيدار والحية، النوخذة، النية ذهب، حب الملح، زوجة الطواش، طويل القامة، نفنوف السعادة، أم حميد، عويد الحنا، السلطان والسبع، التاجر المحتال، ميرة والهام، بنات واق واق، دواء الحمل، عزيز، العنزة السحرية، غدير الغزلان، بديحة، جحا والباب، كنا كنا، أمير البحار، دجاجة ميثانة، غاية والحنيش، الهبان، جناح الدجاجة، وردة في البستان، حلم الحمار، ومي ومايدة).
تحكي قصة «أم حميد» عن رجل اسمه حميد، يسكن في بيت صغير مع زوجته وأمه العجوز، كان يحب أمه حباً شديداً، ما يتسبب في غيرة الزوجة وحقدها على أمه، ولأنه كان كثير السفر والترحال، كان يوصي زوجته بوالدته، وفي إحدى المرات يسافر ويترك والدته عند زوجته، الزوجة في هذه المرة تصل إلى ذروة حقدها على أمه، فتفكر في التخلص منها، وبينما هي تفكر في حيلة للتخلص من العجوز تسمع صوت قافلة «الزطوط» وهم جماعة من الغجر كانوا ينتشرون في المنطقة ينادون على الناس ليتفرجوا على ألعابهم البهلوانية، فخطرت في بال الزوجة فكرة جهنمية، وهي أن تبيع العجوز إلى كبير «الزطوط» مقابل مبلغ زهيد من المال، يرحل «الزطوط» إلى مدينة أخرى ومعهم العجوز المسكينة، التي لم يكن لديها حول ولا قوة للمقاومة، يعود الزوج، فيجد زوجته تبكي، فيسألها عن السبب؟ فتأخذه إلى قبر في الجوار، وتخبره بأنه قبر والدته، عاشت زوجة حميد في سعادة وهناء، لكنها لم تستطع أن تُنسي زوجها أمه إلى الأبد.
تتوالى الحكاية، وبعد مرور سنوات، تعود قافلة «الزطوط» إلى مدينة حميد، فسعى الجميع لمشاهدة عروضهم البهلوانية، وكان بينهم حميد، فصادف عرضاً غريباً لامرأة عجوز تقوم بحركات مضحكة، وترتدي ثياباً مزركشة وحلياً ملونة، وتربط رأسها كالأطفال بشرائط ملونة، وقد طلي وجهها بألوان عدة، وبعد أن قامت ببعض الحركات أخذت تنشد بعض الكلمات التي لفتت انتباه حميد وهي: «أنا حميد حمادة.. أنا مقطوعة العادة.. وليدي ساير السفر.. ودامت لي حياته.. وحريمته باعتني على الزطي.. والزطي حلقني.. ويلقني (أي جعلني قليلة القيمة).. وسوالي عليعيله (أي رفع خصلة من شعرها في أعلى الرأس تشبها بالطيور)..»، انهالت الدموع من عيني حميد، الذي عرف أنه المقصود بهذا الكلام، فأخذ يتمعن في ملامح العجوز حتى أيقن أنها والدته، فذهب وقبل يديها وقدميها، وطرد زوجته الشريرة بعد أن عاقبها ولامها على فعلتها الشنيعة.

* جحا والباب
يقدم د. عبد العزيز المسلم في كتابه حكاية (جحا والباب) بأسلوب بسيط ممتع، بغرض تعريف قرائه إلى هذه الشخصية، التي ربما تكون الأشهر في المخيال الشعبي العربي على امتداد قرون عدة، وهي الشخصية التي مثلت رمزاً للسخرية وللفكاهة الهازلة والحكمة العميقة، وهي بكل تأكيد شخصية شكلت قاسماً مشتركاً في جميع النكت الشعبية التي كان هو بطلها الأوحد من خلال مأثورات وحكم بليغة قيلت على لسانه.. وفي (جحا والباب) يقف القارئ على وصية أم جحا لابنها حين حذرته من الخروج للعب، وترك باب البيت مشرعاً، وأن أقل ما يجب عليه فعله هو إغلاق الباب بإحكام، وقد درج الأولون على استخدام بعض المصطلحات ذات الدلالات المقصودة، فإذا قيل (خذ الباب معك) فإن ذلك يعني أغلق الباب بإحكام.. وهكذا قالت الأم لجحا: إذا خرجت من البيت فلا تنس أن تأخذ الباب معك.. ويستمر سرد الحكاية، حيث تمر الدقائق والساعات وعندها يفكر جحا بالخروج ليجلس أمام البيت ويتفرج على الناس، ويرى إن كان هناك من يلعب من الصبية في الخارج، فيمر به رجل ماكر فيسأله: لم أنت جالس أمام البيت يا جحا؟ لم لا تذهب وتلعب مع الصبية بجانب السوق؟ فيخبره جحا، بأنه لا يستطيع الخروج بناءً على وصية أمه، فيسأله الرجل الماكر: وبم أوصتك أمك؟ وحين يخبره جحا بأنها أوصته بأن يأخذ الباب معه، يساعده الرجل الماكر في خلع الباب وحمله على ظهره تنفيذاً لوصية والدته، فيسأل جحا إذا كان هذا هو الرأي الصائب؟ فيخبره الرجل بأنه رجل حكيم ولا يقول غير الصواب.. وهكذا تنطلي الحيلة على جحا، الذي يواجهه والده الذي صدم من سذاجته بمشكلته، فيهب الوالد راكضاً إلى البيت، وحين يصل يجد الناس وقد تجمهروا عنده وزوجته (أم جحا) تصرخ، لأن اللصوص قد دخلوا البيت وسرقوا كل ما فيه.

* أسطورة
تستفيد هذه الحكاية من أسطورة بلاد الواق واق، وهي مجموعة جزر قيل: إنها تقع في بحر الصين أو بحر الهند، وذكرت في كتب التراث العربية القديمة، حيث لا يوجد دليل يوضح فيما إذا كانت هذه الجزر حقيقية أم خيال، وقد اقترن الاسم بحكايا عجيبة أقرب إلى الأسطورة، من تضاريس غريبة، وسكان مشوهين يأكلون البشر وكثير من العجائب والغرائب.
تحكي (بنات واق واق) عن سلطان عادل، كان يملك بساتين عدة، وكان يفضل واحداً من هذه البساتين على غيرها، فظهر من يعبث ويخرب جمال هذا البستان، وحين يسأل ناظر البستان عمن يخرب بستانه، يخبره أن هناك سبع فتيات يأتين كل يوم يلعبن ويمرحن في البستان، ثم يسبحن في الحوض الكبير من دون أن يتمكن أحد من الإمساك بهن، لأن للفتيات أجنحة يطرن بها، فغضب السلطان غضباً شديد، فنادى وزيره ومعاونيه والفرسان، وطلب منهم أن يوقفوا ما يحدث في بستانه، وأن يقبضوا على الفتيات المخربات، تمكن المراقبون من ضبط الفتيات وهن يدخلن البستان، لكنهم لم يتمكنوا من الإمساك بهن، فظل الأمر على حاله والبستان يزداد خراباً يوماً إثر يوم، زاد غضب السلطان، فقرر بنفسه الذهاب إلى البستان، فجلس مع المزارعين مستفسراً عن حكاية الفتيات، فقيل له الكثير عن لهوهن ولعبهن وطيرانهن، كما قيل له عن حسنهن الفائق، وجمالهن الفتان، وأظهر السلطان أنه لا يلتفت لجمالهن أو حسنهن، وأن ما يهمه فقط هو القبض عليهن لينلن جزاء فعلتهن المشينة.
تتواصل الحكاية، فينبري رجل معاق، ينادي على السلطان مدعيا أنه يستطيع الإمساك بهن، أي بالبنات، وهكذا يصبح المعاق، بطل الحكاية الذي يطلب من السلطان مكافأة نظير نجاحه في المهمة، فيعده السلطان، بأنه إذا قبض على الفتيات، فسوف يصبحن ملكاً له أي للمعاق، وتتواصل الحكاية، وينجح المعاق في مهمته، بعد أن اختبر الكثير من المواقف والأحداث المدهشة والأماكن الغريبة.
يتزوج المعاق الفتاة الصغرى من الأخوات السبع، وهي الأجمل والأحلى والأظرف، ويرزقا بولد، وتتواصل الحكاية، حيث يعود المعاق إلى البيت وينادي على زوجته، لكنها لم ترد، فيسأل أمه، فتخبره أنها طارت إلى بلادها «واق واق» حاملة ولدها معها.
* اقتباسات
«الراوي الأول لحكاية «نصيب الحطاب» هو سلطان بن عبيد الحبسي من مدينة الشارقة».
«خرجت «بنت واق واق» إلى الحارة، ودعت بعض الفتيات، وقالت لهن: إنها سوف تغني لهن أغنية «بلاد واق واق».
«بينما كانت الفتاتان تجريان هرباً من العنزة، افترقتا وأضاعت كل واحدة منهما الأخرى، ووقعت الصغيرة مكتشفة سر العنزة».
«التاجر المحتال» قصة تشتهر في الإمارات باسم «لص البصرة».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y2efd5ud

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"